IMLebanon

هل يحتاج لبنان المعادلة الذهبية؟

طرَح رئيس الحكومة سعد الحريري، معادلته الجديدة، خلال جلسة مساءلة الحكومة وكرّرها خلال زيارته إلى رأس بعلبك، معتبراً «أنّ ما يحصل في جرود البقاع، هو أكبر ثقة بدور الحكومة والدولة والجيش».

إنّها المعادلة التي أثبتها الجيش اللبناني في معركته الأخيرة في جرود القاع ورأس بعلبك، وضربِه للإرهاب الداعشي، مع التفافٍ حكوميّ مطلق حول أعماله العسكرية، وحاضنةٍ شعبية واسعةِ النطاق لأعمال الجيش.

بَرز الدعم الشعبي بإنشاء مطبخ الجيش عبر سيّدات متبرّعات في القاع، إلى التبرّع بالدم، واحتفالات شعبية عمّت مناطق لبنان دعماً للجيش، وصولاً إلى وضع أهل القاع والبقاع نفسهم بتصرّفه، ووقوفهم جميعاً وراء القيادة العسكرية.

بعد حرب إسرائيل في تمّوز 2006 على لبنان، طرَحت قيادة «حزب الله» معادلتها الذهبية، متمثّلةً بـ«الشعب، الجيش، المقاومة». فبهذه المعادلة، استطاع لبنان حسب رأي الحزب تغييرَ وجهة النزاع العربي- الإسرائيلي، حيث أطلقَت إسرائيل على هذه الحرب اسم «الحرب الثانية»، بسبب الخسائر التي مُنيَ بها جيشها على أرض لبنان، باعتراف «لجنة فينوغراد» الإسرائيلية لتقصّي الحقائق.

لكنّ هذه المعادلة الذهبية زُعزِعت بدخول سوريا أزمتَها، وبتدخّل الأفرقاء اللبنانيين في الحرب السورية – الإقليمية، حيث أطلقَ عليها الرئيس السابق ميشال سليمان «المعادلة الخشبية»، نتيجة الاعتراض في الساحة اللبنانية على تدخّلِ المقاومة في الشأن السوري.

ولم يقف الأمر عند مسألة التدخّل أو عدمه، بل ربط مشروعه بالمشروع الإقليمي في المنطقة، المتمثّل في دول محور الممانعة. وما زاد الأمر تعقيداً، إضافة نصرالله الجيش السوري الى معادلته، ما إستدعى ردود فعل عنيفة من القوى السياديّة.

لقد أعلنَت قيادة الجيش منذ إطلاقها معركة «فجر الجرود» أن لا تنسيق مع أحد في تحرير الجرود، وما يقوم به الجيش في القضاء على الإرهاب، نتيجة التخطيط الصحيح للمعركة قبل بدئها، وهذا كان سببَ تأخّرِ إطلاقها.

وإنّ خوض الجيش اللبناني معركتَه ضد التنظيم الإرهابي، في الجرود، وبإمكاناته، مدعوماً بضوء أخضر حكوميّ، وحاضنةٍ شعبية من كلّ الطوائف والمكوّنات، وبدعمٍ نيابي شامل تجَلّى في جلسة المساءلة الأخيرة للحكومة، إضافةً إلى الانتصار السريع للجيش اللبناني في معركته ضد «داعش»، كلُّ هذا سمحَ للحريري بإطلاق معادلته الأخيرة، التي استثنى بها المقاومة من المعادلة الأولى.

ولكن يبدو أنّ الحريري في طرحه معادلتَه (جيش وشعب وحكومة) قد أضفى شرعيةً حكومية للمقاومة، بطريقة غير مباشرة، باستبداله المقاومة بالحكومة. وبما أنّ الأولى ممثّلة في الحكومة، يكون قد أعطاها الصفة الشرعية الوجودية.

وصحيح أنّ معادلة «الشعب، الحكومة، الجيش»، نجَحت في القضاء على التنظيم الإرهابي في جرود القاع، لكنّ الخطر لم يزل موجوداً. فالجيش الإسرائيلي متأهّب على حدود لبنان الجنوبية، وينتظر الفرصة السانحة لضربِ لبنان. كما أنّ السلاح المتفلّت داخل المخيمات، يقلِق أمنَ مناطق الجوار، إضافةً إلى النزوح العشوائي للسوريين، وما يشكّله البعض منهم من قنابل موقوتة.

وإنّ نجاح هذه المعادلة الجديدة وتعميمها نموذجاً بديلاً من المعادلة الذهبية الأولى مع إضافاتها، يتوقّف على الترجمة العملانية من مجلس النواب، من خلال تقديم الدعم الكافي للمؤسسة العسكرية من ناحية رفعِ سقفِ الميزانية المالية لقيادة الجيش لتأمين الأسلحة التي تراها مناسبة. لذلك، فالخطوة الأولى بدأت مع توقيع رئيس الجمهورية سلسلة الرتب والرواتب التي أعطت العسكريين حقوقَهم المشروعة.

وأمام هذه التحدّيات، وعدم وجود قرار سياسي واضح بتزويد القوى المسلّحة في لبنان أسلحةً تَجعل منها سدّاً منيعاً أمام المخاطر المنتظرة، يسأل البعض في «8 آذار»: هل فعلاً على اللبنانيين إسقاط المعادلة الذهبية، جيش، شعب، مقاومة؟ في حين يؤكّد التيار السيادي أنّ تجربة المعادلة الجديدة التي طرَحها الحريري قد أثبتَت فعاليتَها وجدّيتَها في القضاء على الإرهاب، في ضوء تكاتفِ اللبنانيين جميعاً وراء الجيش اللبناني، وتحقيقه الإنتصارات، حيث أثبت أنه قادر على حماية اللبنانيين ولا يحتاج دعم أحد.