Site icon IMLebanon

هل العقدة في الرئاسة أم في عودة الحريري إلى الحكومة؟

البحث عن شخصية خبيرة تصوغ بنود «السلة»

هل العقدة في الرئاسة أم في عودة الحريري إلى الحكومة؟

مَن عايش الماضي القريب وقاطعه مع الواقع الراهن، لا يجد أن التطورات الداخلية، لا سيما على خط الرابية ـ معراب، أمر غريب، فكل شيء بات متوقعاً، والقوى السياسية المعنية المرحّبة بطيّ صفحة الماضي الى غير رجعة، تنتظر بدء وضع الأسس الواضحة لإتمام الاستحقاقات التي لا يمكن أن تكون مجتزأة.

والسؤال المطروح، هل عملية خلط الأوراق الداخلية وبروز انقسامات داخل الصف الواحد هي نتيجة التطورات الإقليمية والخلاف السعودي ـ الايراني؟، وهل هذا الخلاف أطاح المبادرات الداخلية في لبنان أم عثّرها ووضعها في ثلاجة الانتظار؟

والجواب له جذوره التي تعود إلى أواخر تشرين الأول الماضي، حين اتصلت شخصية فرنسية مؤثرة بشخصية لبنانية اختبرت كل مراحل التجربة اللبنانية، قائلة «ما رأيك بثنائية سليمان فرنجية وسعد الحريري، ولكن بشرط ان لا يفعلوا بالحريري ما فعلوه معه في المرة السابقة؟». هذا الكلام تزامن مع قناعة سابقة لدى الرئيس الحريري، وهي «إذا كنت أنا رئيساً للحكومة، فهذا يعني أن عون أو فرنجية سيكون رئيساً للجمهورية». وعليه، فإن ما حصل في المبادرة الرئاسية ليس أمراً جديداً على الحريري، الذي سبق وتبنى ترشيح عون من دون الإعلان عن ذلك. ويومها لم تتوفر الحاضنة الإقليمية والدولية، والمنطق نفسه دفعه إلى تبني ترشيح فرنجية، بعدما وجد قبولاً داخلياً وتشجيعاً ودعماً إقليمياً ودولياً.

وبما أن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله تحدّث عن السلة المتكاملة، «فقد تولّدت قناعة بأن ذلك يعني: رئيس جمهورية من 8 آذار ورئيس حكومة من 14 آذار. وكانت الصورة توحي بأن سقف الأمور كذلك، ولكن مع الوقت تبين أن القصة ليست فرنجية رئيساً للجمهورية إنما القصة هي في موضوع الحريري، هل هناك قبول بعودته إلى رئاسة الحكومة؟ ولكن الحديث عن السلة يفترض أن تكون التنازلات متبادلة والقبول قائماً».

لذلك، هل ما نشهده، مع تبنّي جعجع ترشيح عون، واستمرار الحريري في مبادرته الرئاسية التي تحظى بدعم كبير، هو عملياً تعثّر أم إحباط؟ إذا كان تعثراً فتبقى معادلة فرنجية ـ الحريري ويتم استكمال بقية السلة التي تتضمن ضمانات للجميع. أما إذا كان إحباطاً، فيعني هناك رفضاً للحريري في رئاسة الحكومة، وبالتالي ترشيح عون من قبل جعجع يدخل عن قصد أو عن غير قصد في عملية تعقيد الملف الرئاسي بما ينقلنا الى شق آخر مختلف من الصراع السياسي.

ويبدو أن المستوى الديبلوماسي في لبنان ليس بعيداً عن هذا الإرباك، بدليل أن سفير دولة مؤثرة لم يتأخّر في مجلس خاص عن استخدام عبارات غير ديبلوماسية بوصفه ما يحصل من ترشيحات ومبادرات بأنها «ألاعيب ستنقلب على صنّاعها»، في حين أن سفيراً آخر سجّل اعتراضاً على «السرعة في طرح المبادرات والترشيحات، وأن المطلوب هو مزيد من التنسيق والإنضاج».

هل القصة في المضمون أم في الشكل؟ كثيرون يقولون إن القصة في الشكل وتحتاج الى بعض الوقت، وبالنتيجة المبادرة الرئاسية المتمثلة بترشيح فرنجية ما زالت قائمة وأضيف إليها ترشيح عون من قبل جعجع، وهناك من يقول إنه بعد إعدام الشيخ نمر باقر النمر والتباعد الإيراني ـ السعودي صار صعباً أن يترأس الحريري الحكومة، وهناك تيار ثالث يقول المبادرة ولدت لتنفّذ، ولكن علينا إكمال السلة.

واستكمالاً للبعد الإقليمي، هل الحل في لبنان مرتبط بالحل في سوريا؟ وهل هو مرتبط بوضع هذا الحل على السكة أم بإنجازه؟ وفي ظل التأزم الإقليمي، هل يمكن القبول بالحريري رئيساً للحكومة أم لا؟

أين تكمن العقدة الفعلية؟ يجيب ديبلوماسي مخضرم «عند الحديث عن السلة يحتاج الأمر الى ورقة تُحضّر وتُدوّن عليها النقاط المشكّلة للسلة، بدلاً من تحويل السلة الى أحجية، كما يجري حالياً. وهي عملياً تضم رئيس جمهورية من 8 آذار ورئيس حكومة من 14 آذار، وقانون انتخاب يحدد القسمة بين النسبي والأكثري، واستكمال تنفيذ بنود دستور الطائف، أي استخدام عبارة لا توحي كأن في الأمر اتجاهاً لتغيير في الطائف.. المهم وضع ورقة وبدء النقاش والحوار حولها، وبهذه الطريقة تسهيل لأمور لاحقة، لأن الاتفاق على السلة هو عملياً، وبشكل غير مباشر، اتفاق على البيان الوزاري لحكومات العهد».

إلى ماذا تحتاج السلة؟ يؤكد الديبلوماسي أنها «تحتاج إلى خيّاط، أي إلى شخص مجرّب وخبير يجول على الأطراف ويحوك السلة بحنكته وعباراته التي تفتح الأبواب الموصدة».