IMLebanon

هل ستدفع المأساة طرابلس إلى ضم أبنائها؟

ما حدث في بعل محسن لا يمكن وصفه بأقل من جريمة ضد الإنسانية، ولا توجد كلمات في القاموس يمكنها إعطاء الإدانة حجمها الحقيقي في حق المرتكبين والمحرّضين أصحاب العقول الشيطانية الظلامية. 

قد لا تأخذ هذه الجريمة الاهتمام الكافي الذي أخذته عمليات فرنسا الإرهابية في الإعلام العالمي، فنحن نعيش في شرق عربي أصبح الموت المجاني والعشوائي مشهداً يومياً فيه، فما الفرق إن زاد عدد الضحايا بتفجير إرهابي على مئات الآلاف الذين سقطوا ويسقطون بإرهاب الأنظمة وإرهاب الخليفة المزعوم وإرهاب العصابات المتخلفة؟

لكن هذه القضية بالتأكيد ليست محلية لا بالأهداف ولا بالأسلوب، فعلى الرغم من المعارك والأحقاد التي حكمت باب التبانة في شقيها العلوي والسني على مدى أربعة عقود، وعلى الرغم من حجم المعارك والدم والدمار، لم تحدث عملية انتحارية واحدة. لذلك فإن محاولة إيجاد أسباب لبنانية أو طرابلسية معزولة لهذه الجريمة تبقى قاصرة عن الحقيقة، فما طال طرابلس هو جزء لا يتجزأ من جنون الإرهاب المعمم والمعولم، الذي يسعى إلى إدخال العالم كله في الفوضى على أمل إرهاق الناس ودفعهم إلى الاستسلام. من نافل القول أن هذا المخطط الركيك سيفشل حتماً لأن البشر سيخرجون حتماً أكثر صلابة في الدفاع عن حريتهم واستقرارهم، وبعد فترة من المعاناة والتخريب لن يبقى من هؤلاء المجرمين إلا الذكر السيئ، والعبر لمن اعتبر. 

أما بالنسبة الى طرابلس، فلا شك أن هذه الجريمة لا تمتّ بصلة إلى أي قيم نشأ عليها أبناء هذه المدينة، كما أن ردود فعل أبناء المدينة أثبتت مناعتهم ضد الانجرار إلى منطق الشماتة الساقط، لا بل على العكس فقد أعلن الجميع براءتهم من الإرهاب وإدانتهم للجريمة وتضامنهم الكامل مع أهل الضحايا. كما أن ردود فعل أهل الضحايا في جبل محسن كانت مثالاً في التعقل والكبر والتعالي على الجراح. 

إن ما حصل، على بشاعته، يجب أن يدفعنا جميعاً للمدينة لكي تضم أبناءها في حضنها، وأن ندفن آثار صراع عبثي عمره أربعة عقود. 

() عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل»