يدخل اكثر من طرف دولي، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، على خط الازمة اللبنانية، وتداعيات استقالة الرئيس سعد الحريري، وعلى ما بُنيت عليه هذه الاستقالة، من الدور الايراني ودور «حزب الله» في الحياة السياسية والامنية اللبنانية، تبعاً لدوره الاقليمي.
وتؤكد مصادر ديبلوماسية، ان الهدف من الشروط التي وُضعت لاعادة استخراج تسوية جديدة، هو حصول ضغط سياسي داخلي وشعبي على «حزب الله» ودوره في الداخل وفي المنطقة بشكل ينعدم معه ارتياحه الى خلفيته الشعبويّة. فضلاً عن حصول خلط اوراق في الاولوية الداخلية اللبنانية واعادة التركيز على ضرورة انهاء سلاح «حزب الله»، وادراجه على الاجندة الداخلية لوضعه على طاولة الحوار الداخلي. وفي انتظار ذلك، العودة الى التسوية بشكل اكيد.
وتقول المصادر، ان ما يفترض ان يتزامن مع ذلك، هو التفاهم على خطة عمل عربية – لبنانية للضغط ايضاً ولاتخاذ اجراءات تصب في هذا التوجه. لكن من المؤكد ان حلّ «حزب الله» وإنهاء دوره لا سيما الامني والعسكري، يحتاج الى تسوية دولية – اقليمية.
الضغط الداخلي اللبناني يساهم الى حد كبير في تهيئة الاجواء، انما لن يحل هذه المسألة التي نصت عليها القرارات الدولية، والتي طلبت الى لبنان اجراء حوار داخلي حول حل ميليشيا «حزب الله» وايجاد استراتيجية دفاعية.
وجود الحزب في سوريا وفي اليمن قضية دولية. وكل مؤسسات الحزب باتت متأقلمة مع العقوبات التي فُرضت دولياً منذ سنوات وحتى الآن. ذلك ان عملية التمويل وانتقال الاموال منه واليه، تتم خارج النظام المالي العالمي. واذا فُرضت عقوبات اقتصادية جديدة، سيكون الحزب اقل تأثراً وضرراً اقتصادياً. وبالتالي، ان وسائله وشبكاته لن تتأثر، لا بل سيتأثر الاقتصاد اللبناني.
وبالتالي، هذه هي الاسباب وراء المواقف الدولية التي دعت للحرص على لبنان ومؤسساته، اي للحفاظ على الاستقرار في انتظار الحل الدولي – الاقليمي، الذي يُجنّب لبنان ان يدفع الثمن. ولذلك تأمل المصادر، ان تضع التطورات اللبنانية المتصلة بالعلاقة مع الدول العربية مصير الحزب امام الواجهة الدولية من جديد بعدما حجبت الازمة السورية الاهتمام الدولي، لمتابعة تنفيذ القرارات الدولية. اما الآن وفي مناسبة انخراطه بالازمة اليمنية، لا بد من ممارسة الضغوط العربية لدرء مخاطر هذا التدخل عليها.
حتى الآن لا يظهر في لبنان ما يؤكد ان اي طرف سيعود عن التسوية، لا سيما وان «حزب الله» لا يزال يقول بأن التسوية جيدة ويتمسك بها. الشروط السعودية هي: وقف الهجوم على المملكة، وعدم دخول الحزب في الحكومة، والانسحاب من سوريا، والانسحاب من الخليج. وكل الاطراف اللبنانية مستعدة للتراجع في موضوع عدم دخول «حزب الله» الى الحكومة شرط توجيه السلاح الى اسرائيل وليس الى الداخل، وتوجيه السلاح لمكافحة الارهاب، وعدم تدخل «حزب الله» في الدول الخليجية.
التفاوض لا يزال صعباً، واتخاذ خيار عسكري كذلك يبدو صعباً. في حين ان التصعيد الاقتصادي على نحو عقوبات «يوجّع»، انما ليس محسوماً ان يؤدي باطراف ما، الى تغيير سلوكها. وبالتالي، ان اعادة صياغة تسوية جديدة لا تزال تحتاج الى عمل ديبلوماسي دؤوب. ثم ان التدخل الفرنسي «الجيد» يحظى بموافقة اميركية – روسية، ويقوم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بجولة اتصالات دولية – اقليمية لا سيما مع كل من ايران وتركيا. وبات التدخل الفرنسي ذا تأثير. فكل المواقف الدولية عملت على تخفيف المخاطر لكي لا يهتز الاستقرار وعملت على التهدئة وعدم المواجهة وتسعى لتجنيب لبنان حرباً اسرائيلية عليه. لكنها لم تؤدِ بعد الى حل الازمة اللبنانية مع الاشارة الى ان الامن في الداخل ممسوك، لكن الامن الخارجي ايضاً لناحية التعرّض لعدوان لا يمكن حسم احتمالاته. وستستكمل المساعي الفرنسية لتسوية لبنانية وتسوية عربية – اقليمية.