مع تسارع الخطى العونية نحو التصعيد، ولجوء النائب ميشال عون الى الشارع، النقطة ذات الحساسية العالية بالنسبة الى الاستقرار، بات اخصام عون، وعلى رأسهم «تيار المستقبل»، في موقف الدفاع، خاصة انهم يجهلون طبيعة تلك التحركات والمدى الذي من الممكن لها ان تصل اليه.
لكن هذه التطورات لا تدفع المستقبليين الى التراجع امام زعيم «التيار» الذي يخرج الى الشارع وحيدا هذه المرة، من دون اقرب الحلفاء اليه. لا مكان للقلق لدى هؤلاء، وتؤكد أوساط متابعة ان الأجواء داخل «تيار المستقبل» تشير الى الاطمئنان من ان تحرك عون نحو الشارع لن يؤدي الى اية نتيجة، لا بل انه «سيورط صاحبه الذي سيصطدم بحائط مسدود».
يلفت هؤلاء النظر الى ان هذا هو دأب عون منذ صعوده على رأس السلطة، «والتاريخ يشهد على الخطوات الفردية والخاطئة التي أقدم عليها»، وتتخذ من حرب التحرير العام 1989 مثالا على ذلك، بينما يكمن الفارق اليوم في ان المرحلة تعد شديدة الخطورة في ظل التطورات المحيطة في سوريا والعراق، ويكمن في النار السورية والعراقية الفارق في خطورة المرحلة عما كانت عليه العام 1989.
يشير المتابعون الى ان عون يعلم جيدا انه «قد بلغ المرحلة الأخيرة، ما يفسر كونه يلعب أوراقه كافة»، وتسأل «ما الذي يريده عون؟ هل يريد هز استقرار البلاد؟ لا بل هل يريد حربا أهلية؟». وتلفت النظر الى خطاب «داعشي» و «إلغائي» لجأ اليه عون، «وهو بدعوته الى بعض الشعارات السابقة التي تعود الى زمن الحرب الاهلية، تحت عنوان حقوق المسيحيين، يهدد بضرب الاعتدال لدى الطوائف الأخرى ومنها الطائفة السنية. ويستتبع هذا الامر سؤالا من نوع: مع من يريد عون التعامل عندها، هل مع الإسلاميين بعد تراجع تيار المستقبل المعتدل والمدني؟».
ويحذر هؤلاء من اللجوء الى لعبة الشارع التي تعتبر اليوم سيفا ذا حدين، وإذ يؤكدون انه ممنوع الاضرار بمصالح المواطنين وشل البلد، يلفتون النظر الى ان «هذه اللعبة قد تستتبع لجوء بعض الأطراف الى اللعبة نفسها».
لا بل ان هؤلاء يذهبون الى ان على عون التخلي عن شعاره بأنه الأحق برئاسة الجمهورية، كما ان عليه التوقف عن مقارنة نفسه مع الرئيسين نبيه بري وتمام سلام غير المتصدرين لشارعيهما الشيعي والسني، «ذلك انه من المعروف ان حزب الله هو الأقوى على الساحة الشيعية، مثلما ان المستقبل هو الأقوى على الساحة السنية». أما لناحية اختزال الطائفة السنية لقرارات الحكومة، فيشدد هؤلاء على ان الدستور اللبناني قد حدد الكيفية التي ينوب بها مجلس الوزراء عن رئيس الجمهورية في حال غيابه.
ويشير هؤلاء المتابعون الى ان الدفاع عن حقوق المسيحيين «لا يتم على الطريق الإلغائية لعون، بل عبر خطاب وطني يريح المسيحيين كما كل اللبنانيين». كما يشيرون الى ان رئاسة الجمهورية هي مركز يخص المسيحيين، لكنه لكل اللبنانيين.
ولا يخفي هؤلاء ان بعض الحلفاء المسيحيين يشعرون بالحرج جراء المزايدة التي لجأ اليها عون، ومنهم رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، علما ان «إعلان النيات» بين عون وجعجع قد أجبر الأول على الاعتراف بإتفاق الطائف للمرة الاولى. لكن عون، بدعوته الى الفدرالية، يكون قد أسقط هذا الإعلان، حسب المتابعين.
ماذا عن حلفاء عون؟
يرى المتابعون ان «حزب الله»، وان كان لم يعلن موقفا مؤيدا للعبة الشارع كونه يريد الحفاظ على الاستقرار في لبنان، الا انه يوافق ضمنا على دعوة عون، «في اطار مخططه الاستراتيجي للسيطرة على لبنان». أما النائب سليمان فرنجية، فهو قريب من مواقف عون، «لكنه يخشى ان تؤدي خطوات عون الى نزاع مع المسلمين على تخوم منطقته». وأما الرئيس نبيه بري، فهو على اختلاف مع طروحات عون، «الا ان هامش الحرية لديه ليس واسعا».
ويخلص هؤلاء الى ان تحرك عون، «العاري»، سيؤدي به الى حائط مسدود، خاصة وانه لا يقيس خطواته بتأن، بل يقوم بها منفردا، ومن ثم يصطدم بالنتائج. من هنا، يشير المتابعون الى ان عون سيمضي في خطواته التصعيدية، قبل اختبار نتائجها السلبية على البلاد.. لكن هل يُجري المراجعة.. قبل فوات الأوان؟