في الوقت الذي تعاطت فيه فاعليات صيدا بلا مبالاة مع موضوع اعتقال الشيخ احمد الاسير وغابت فيه الاصوات المتعاطفة معه، ليسود صمت مطبق لمؤيديه على كل اجهزة الخلوي ومواقع التواصل الاجتماعي، استمر الاستنفار الأمني الواسع للأجهزة الأمنية اللبنانية كافة من جيش لبناني وأمن عام وقوى أمن داخلي، لمتابعة ورصد اي تحرك محتمل لأنصار الأسير، بينما تواصلت المداهمات لعدد من الأماكن التي يعتقد أن الأسير لجأ إليها خلال الفترة الماضية، وكذلك البحث عن الأشخاص الذين ساعدوه..
وقد أوقف الأمن العام ح. ر. لارتباطه بالأسير، وذلك بعد أن داهمت صباحاً محلاً للالكترونيات يعمل فيه في صيدا. كما أوقف الجيش اللبناني م. ن. في السياق نفسه.
وتؤكد مصادر مطلعة أن ملف الاسير «كبير جدا»، وأن هناك من كان يقف خلف «ستارة» هذه الظاهرة التي نمت وانتشرت بسرعة وانتهت وتلاشت بالسرعة نفسها. وطرحت في الشارع الصيداوي تساؤلات عديدة من بينها: هل سيتم كشف الاشخاص والهيئات والقوى والتيارات السياسية والأمنية، الرسمية وغير الرسمية، التي كانت خلف ظاهرة الأسير في لبنان وخارجه؟ وهل سيعلن كل ما يعترف به الاسير في محاضر التحقيق الى عموم اللبنانيين، وخصوصا اهل صيدا الذي تضرروا من هذه الظاهرة؟
وكان اللافت للنظر أن صوت «هيئة علماء المسلمين» في صيدا لم يكن مدوياً ولا محرّضاً ولا حتى داعياً الى الاحتجاجات والاعتصامات على توقيف الاسير.. وخرج موقف عادي لمفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان إثر لقائه في مكتبه وفد «الهيئة» برئاسة الشيخ مصطفى الحريري، اذ اشار الى «التأكيد المشترك على رؤية واحدة من اجل الحفاظ على كرامة وحريات وحقوق الناس على كل المستويات» .
وقال سوسان «نحن وهيئة العلماء حريصون على وحدة الصف وعلى رفض الفتن وعلى لمِّ الأوضاع وعلى استقرار هذه المدينة ونموِّها وعدم المساس بشبابها ورجالها، هذه المدينة التي ما تخلت يوما عن مشروع الدولة وعن النظام وعن القانون متساوية مع غيرها في كل المناطق اللبنانية».
في المقابل، خرج أول صوت من صيدا يطالب بـ «كشف كل الذين دعموا الأسير». اذ أكد الأمين العام لـ «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد أنه «من الضروري أن تبادر المؤسسات المعنية في الدولة اللبنانية إلى إعلان نتائج التحقيق مع الأسير كاملة بعد إنجازه، وأن تكشف للرأي العام، وبكل صدق وشفافية، كل الذين تواطأوا مع الأسير، وكل الذين قدموا له الدعم المالي وغيره من أشكال الدعم، سواء من داخل لبنان أم من خارجه، إضافة إلى الذين سهّلوا له حركته قبل معركة عبرا وخلالها، كما سهّلوا هروبه بعد انتهاء المعركة». واعتبر أن «الإرهاب الظلامي هو ابن الإرهاب الصهيوني».
اما الشيخ ماهر حمود، فشدّد على أن «مشروع أحمد الأسير المزعوم لم يكن يمثّل أهل السنّة فقهياً وسياسياً ومصلحياً..».
ورأى أنه من الناحية الفقهية «هو أقرب بما فعله إلى الخوارج والأزارقة الذين يفتون بقتل المعارضين لهم، ويستحلّون الدماء بغير مسوّغ شرعيّ. فهل هنالك فقيه سنيّ واحد وافق أو يوافق على قتل واستباحة الدماء وقطع الطرقات واختراع عدو وهمي ومعركة وهمية للوصول إلى هدف وهمي؟».
وأشار إلى أنه من الناحية السياسية «فليس هنالك جهة سياسية واحدة وافقته على ما فعل، حتى الذين كانوا يدعمونه سياسياً بشكل سري كانوا يقولون نوافقه على شعاراته ولا نوافقه على أسلوبه».
أضاف: «أين المصلحة في كل ما فعله؟ هل مصلحة صيدا مثلاً في معاداة أهل الجنوب أو مصلحة السنّة في لبنان بأن يعزلوا أنفسهم؟».
ابراهيم يشرف على التحقيقات
توجه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، بالتهنئة الى الضباط والعسكريين «على الإنجاز الأمني الذي تحقق بتوقيف أحمد الأسير، والذي يصب في خانة تثبيت هيبة الدولة وعمل المؤسسات ومكافحة الإرهاب على المستويين المحلي والعالمي»، منوهاً بجهودهم «التي أدت خلال السنتين الاخيرتين إلى كشف 1663 وثيقة سفر وتأشيرة دخول مزورة الى دول عربية وأجنبية». كما حضهم على «المضي في مهماتهم الهادفة إلى حفظ الأمن والاستقرار وصون الوحدة الوطنية».
كلام إبراهيم جاء خلال تفقده مطار رفيق الحريري الدولي، حيث جال في أقسام دائرة أمن عام المطار، واجتمع بالضباط والعسكريين.
وكان إبراهيم قد تفقد مكتب شؤون المعلومات في المديرية، صباح امس، واطلع على سير التحقيقات مع الموقوف أحمد الأسير بإشراف النيابة العامة المختصة.
من جهته، هنأ الوزير السابق فريد هيكل الخازن الاجهزة الامنية وخصوصا الامن العام اللبناني باعتقال الاسير. واعتبر ان «احدى علامات عودة قبضة الدولة هو الاستمرار بدور المراقبة والحماية والتدخل لحماية السلم الاهلي والوحدة الوطنية».