IMLebanon

هل تدعو السعودية عون الى القمة الاميركية – العربية

ابراهيم ناصرالدين

بعيدا عن «ملهاة» البحث عن قانون الانتخابات المرجح ان يتحول الى ازمة وطنية كبرى ما لم تسارع القوى الفاعلة الى «بلورة» مشروع انقاذي بمبادرة من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي «أحبط» الكثيرين من الاصدقاء والحلفاء، بخروجه عن «صمته» الانتخابي، بكلام واضح حول تاييد القانون «التاهيلي» بعد ايام على اعادة التذكير في مجلس الوزراء بمبدا «التصويت»، ثمة ملف لا يقل اهمية عنوانه القمة الاميركية- العربية المزمع عقدها في السعودية في 21 الجاري، هذه القمة جزء من النقاشات «البعيدة عن الاضواء»، دعوة لبنان ليست محسومة بعد..وسواء تمت او لم تتم،  سيكون للامر تداعيات وانعكاسات في السياسة وغيرها ، فالعنوان السياسي العام المفترض لهذا اللقاء الذي سيحضره نحو 17 زعيما عربيا واسلاميا هو التصدي لخطري «داعش» وايران..ومن هنا فان النقاش حول حضور لبنان من عدمه يحمل بالنسبة للكثيرين اجابات واضحة عن دور الساحة اللبنانية في استراتيجية الادارة الاميركية للمنطقة…

وبحسب اوساط متابعة للاعمال التحضيرية للقمة، لم يتلق لبنان، حتى كتابة هذه السطور، اي مؤشرات سعودية سلبية او ايجابية حول دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون من عدمه، مع العلم ان وزير الخارجية عادل الجبير بدأ بارسال الدعوات قبل ايام ووصلت  إلى العاهل المغربي، محمد السادس، كما وجه العاهل السعودي دعوة إلى الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، تتضمن دعوته لحضور القمة ،كما وجه الملك سلمان دعوات إلى الرئيس العراقي، محمد فؤاد معصوم، والرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، ومن المفترض ان تتبلور خلال الايام المقبلة النوايا السعودية ازاء كيفية التعامل مع وضعية لبنان في ظل تباينات واضحة في الراي ازاء هذا الملف.

ووفقا لاوساط دبلوماسية في بيروت، الدعوات تنسق مع الطرف الاميركي الذي يملك حق «الفيتو» على المدعوين، والمملكة تتواصل مع البيت الابيض لانهاء الترتيبات حول هذه القمة، فالقرار ليس سعوديا خالصا، والكلمة الفصل تعود للاميركيين، لكن الرياض يبقى لها هامش عرض قائمة المدعوين، ولم يعرف بعد ما اذا كان لبنان مدرجا عليها…او انه ادرج وتم سحبه، لكن هذه التفاصيل مهمة للغاية ومن المفيد لاحقا معرفة كيف حسم ملف الدعوة من عدمه لان في الامر مؤشر على ما تريده الولايات المتحدة والسعودية من دور للبنان في مرحلة شديدة الخطورة تمر بها المنطقة..

ووفقا لاوساط سياسية مطلعة، لا ترغب بعبدا في التعليق المسبق على هذا الملف، لان استباق الامور ليس في محله، وقد يكون الانسب تحاشي التعليق على الموضوع برمته طالما ان لبنان ليس معنيا بعد باعمال القمة، وعندما تتم دعوة لبنان سيكون لكل «حادث حديث». لكن من المسلم به ان مجرد التوافق السعودي- الاميركي على هذه الدعوة، اذا ما تمت، سيكون الامر بمثابة «الاحراج» الاستراتيجي الاول للعهد لان ما «يطبخ» في «كواليس» المشهد الاقليمي والدولي يثير الريبة، ولا يمكن للبنان ان يكون جزءا منه، ولا يتطابق اصلا مع قناعات رئيس الجمهورية الذي يملك رؤية مختلفة عن الرياض وواشنطن ازاء ازمات المنطقة..

وتعتقد الاوساط الدبلوماسية عينها ان «تجاهل» دعوة لبنان قد يكون اهون «الشرور»، ويعطي الانطباع ان واشنطن وحلفاءها ما زالوا عند موقفهم الراهن بضرورة تحييد الساحة اللبنانية عن التطورات الدراماتيكية في المنطقة، من خلال «تفهم» الانقسام الحاد في البلاد حيال الحرب السورية، وكيفية التعامل مع الدور الايراني، وبالتالي فان الحفاظ على هذا «الستاتيكيو» قد يكون مفيدا في هذه التوقيت، اكثر من خلق انقاسامات حادة حول حضور القمة وتداعيات نتائجها خصوصا ان الترجيحات تفيد بان حزب الله لن يكون مرتاحا لمشاركة لبنان في اعمالها.

في المقابل، ترى اوساط تدور في فلك 14آذار، ان عقد القمة دون تواجد لبنان، مؤشر سلبي ستكون ترجمته المزيد من التجاهل والتسليم «بسطوة» حزب الله على البلاد، وفي هذا السياق، اذا لم توجه الدعوة خلال الايام المقبلة، فان هذه الاوساط تحمل رئيس الجمهورية جزء من مسؤولية غياب التمثيل اللبناني، من خلال تصريحاته «الشهيرة» حول سلاح حزب الله ودور الحزب الموازي للقوى الشرعية اللبنانية…اما اجواء تيار المستقبل فتنحو الى تاييد مشاركة رئيس الجمهورية اذا دعي، لكن لا يدعي هؤلاء انه بالامكان التاثير على القرار السعودي، وحتى يوم امس لم يكن رئيس الحكومة سعد الحريري جزء من اي اتصالات مع الرياض بهذا الشان،ولم تحصل اي نقاشات مع السفير السعودي في بيروت حول القمة..

اما لماذا تثير هذه الزيارة وتلك القمة الريبة؟ سؤال تجيب عليه الاوساط الدبلوماسية بالقول «ليس فقط لان ترامب ياتي الى المنطقة تحت عنوان مكافحة الارهاب ومواجهة ايران، بل لانه يعمل على التسويق لتسوية تكون بداية مرحلة جديدة من تطبيع العلاقات العلنية الخليجية مع إسرائيل من خلال تسوية للقضية الفلسطينية تقوم على حل الدولتين، مقابل انشاء حلف اقليمي مشترك لمواجهة «التدخلات الايرانية» في دول الجوار…اول «الغيث» كان في ضغط قطر على حركة حماس وافضى ذلك الى تغييرجذري في «عقيدتها» السياسية والعسكرية، الترجمة العملية لهذا التحالف سيكون في اليمن، وكذلك في سوريا، وعلى راس قائمة الاستهداف حزب الله الذي يشكل «راس حربة» المجموعة الضاربة والمؤثرة في ما يعتبره هؤلاء «اذرعة» ايران»..

وفي الخلاصة، اذا كانت مصر آخر الملتحقين في دائرة «منظومة» ترامب، وفيما يحاول الاميركيون الضغط على رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي «للتخفف» من الحضور الايراني في العراق، يبدو الاردن المرشح الاوفرحظا للقيام بدور تنفيذي على الارض جنوب سوريا، على الرغم من التردد الذي ابداه الملك عبدالله الخائف من التداعيات غير المحسوبة، لكن الدبابات البريطانية القتالية موجودة على الحدود، وكذلك النظام الدفاعي الجوي الأميركي، وطائرات فرنسية، فيما تتواجد قوات سعودية في اقصى شمال بادية الأردن، وهذا يشير الى استعدادات غير اعتيادية، سواء كانت «رسالة» للضغط السياسي او مقدمة لعمل عسكري، وفي كلا الحالتين المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة «حبلى» بالمفاجآت، ثمة من يراهن عليها في الداخل اللبناني، ويحاول توريط البعض الآخر بها، وهو ما تحذر اوساط مسيحية نافذة منه، في ظل مناخ جدي لتوريط القوى المسيحية «باوهام» غير واقعية سبق وجربت، وادت الى سقوط البلاد في «الهاوية»…ولذلك يبدو الافضل للبنان في هذه المرحلة عدم تعريضه «لامتحان» الدعوة الى القمة، فالبقاء على «رصيف الانتظار» يعفي البلاد من الابحار الى «المجهول»…