Site icon IMLebanon

هل يُحرّك التصعيد العوني الملف الرئاسي؟ المحاذير على الطائف تتجاوز كل الحسابات

على رغم ان التصعيد غير المسبوق الذي يتولاه العماد ميشال عون يصوّب عبره في شكل اساسي على تيار “المستقبل”، فان ثمة من يعتقد ان هذا التصعيد يطاول جزئياً وبنسبة اخرى ايضا حليفه المباشر “حزب الله”. فانطلاقا من واقع التسليم بأن ايران هي التي تمسك بورقة الرئاسة وتعمد الى تعطيل انتخابات الرئاسة من خلال الاصرار على انتخاب عون رئيساً، فان الضغط الذي يمارسه عون تحت وطأة اعتبارات محاولة استباقه البازار النووي بين الولايات المتحدة وايران ونتائجه المحتملة، يطاول ايران وحليفه المحلي اذا تم التسليم جدلاً بأن نتيجة التصعيد قد تؤدي الى فتح ملف الانتخابات الرئاسية. وتالياً فان هذا التصعيد في حال وجد طريقة لتفعيله او ابقائه حياً ربما يؤدي الى استعجال وضع الملف اللبناني على طاولة البحث فيكون ذلك محركاً لابرام صفقة تتناول الانتخابات وقيادة الجيش وسائر الاستحقاقات العالقة. لكن في السياق الراهن للامور فإن هذا التصعيد يبدو بالنسبة الى سياسيين معنيين احراجاً لـ”حزب الله” اكثر منه تنفيذا لاجندة اقليمية تتصل بالوصول الى المؤتمر التأسيسي الذي يريده الحزب. فالحزب قد يستفيد على المديين المتوسط والبعيد من اطاحة عون اتفاق الطائف استناداً الى ما كان أسرّ به مسؤولون ايرانيون الى الموفد الفرنسي جان كلود كوسران لدى وساطته مع طهران حول الوضع اللبناني قبل أعوام. لكن احدا لا يمكن ان يهمل احتمال وجود اجندة اقليمية وراء مطالب عون تحت شعار “حقوق المسيحيين” التي تفتح الباب على حقوق اخرى لسائر الطوائف انطلاقاً من ان عون ما كان ليضرب بهذا السيف او يستخدمه لولا انه يتكىء على دعم الحزب له على طول الخط. ذلك ان المعطيات الحقيقية تفيد بأن الحزب يواجه معضلة حقيقية في سوريا بحيث لا تعبّر انتصاراته المعلنة في القلمون او الزبداني عن حجم المأزق الذي يصل الى حد تحيّن الظروف والفرصة من اجل الانسحاب من الوضع السوري من دون خسائر معلنة او ظاهرة فيعطي اوراقا قوية لمعارضيه ومنتقديه في هذا الاطار. والبعض يقول ان رئيس “التيار الوطني الحر” لا يقرأ بين سطور الحوار القائم بين “حزب الله” وتيار “المستقبل” ما يراه كثر من ان ثمة وصلة يقيمها الحزب مع التيار تحسباً لكل الاحتمالات في سوريا وبقاء خيط التواصل قائما مع السنّة المعتدلين في لبنان وعبرهم على رغم الخطابات التي يدلي بها مسؤولون في الحزب فيما هذه الاحتمالات لا تنبىء في أي حال بامكان انتصار النظام السوري او استرجاع سيطرته بل بحكم انتقالي تطمح فيه الطائفة العلوية بأن يكون لها او تحصل على ما لدى المسيحيين في لبنان. واكثر من ذلك فان كلام وزير الخارجية جبران باسيل الوارث المرجح لرئاسة “التيار” استفز حلفاء التيار بكلام كان له الاثر السلبي القوي لدى هؤلاء الحلفاء قبل الخصوم.

اذا استطاع عون عبر تصعيده السياسي والشعبي في الشارع الدفع نحو تقديم اولوية لبنان على سائر ملفات المنطقة بعد الاتفاق النووي الايراني، فقد يكون ذلك ايجابياً الى حد ما. لكن مطلعين كثرا يخشون الا تكون نتيجة هذا التصعيد سوى مزيد من الاضطراب الداخلي في ظل خطاب سياسي خطير من حيث الرغبة في اطاحة اتفاق الطائف او اطاحة النظام وتغييره يقول مطلعون انه يأتي في اطار مخاوف عون ليس من احتمال عدم تعيين صهره العماد شامل روكز في قيادة الجيش، باعتبار ان هذه الورقة باتت مضمونة في جيبه كما يقول هؤلاء، بل من التلويح غير المباشر له باعادة رفع منسوب او حظوظ قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي للرئاسة الاولى. وعدم اسقاط ورقة قهوجي بحيث يحتمل التفاوض مع عون لاحقاً على مقايضة تعيين روكز في قيادة الجيش في مقابل انتخاب قهوجي رئيساً هو أحد الاسباب التي تكون قد استفزته، في الوقت الذي يعتبر البعض ان اعادة ابراز احتمال وصول قهوجي الذي يشكل نقطة تقاطع بين بعض الافرقاء والثناء المستمر عليه في قيادة الجيش ومن الخارج ايضا قد لا يكونان صحيحين كلياً ما دام هناك مَن سيرفض اهمال امتلاك العماد عون حق الفيتو في هذا الاطار او مَن قد يرفع اوراق التفاوض وتعزيزها في وجه عون متى حان الوقت لذلك. وثمة من يقول ايضاً ان استباق عون موعد انتهاء الولاية الممددة لقهوجي هو رغبته في تعيين روكز من اجل امتلاك قدرة التأثير المعنوي من خلال ما يعتقد بامتلاكه الورقة الامنية في البلد فيمكن التأثير من اجل تعزيز حظوظ انتخابه للرئاسة الاولى، علماً ان هذه الحظوظ تراجعت كثيراً ولا مكان لها بالنسبة الى المطلعين العارفين، خصوصا بعد ما يناهز سنة ونصف سنة من الشغور الرئاسي وما دامت ايران تحارب على جبهات عدة في المنطقة بحيث يتعذر التسليم لها في لبنان بمكسب سيسجل في خانتها مع الدعم العلني والمستمر من الحزب لانتخاب عون رئيساً.

السؤال بالنسبة الى المطلعين المعنيين: هل يستطيع عون من خلال اثارة الاضطرابات في الداخل وتعطيل مجلس الوزراء تعديل روزنامة الافرقاء الخارجيين من اجل تقديم اولوية لبنان ام لا؟ بالتجربة التي تعود الى زمن ترؤسه الحكومة العسكرية لم يستطع تحقيق هذا الأمر. لكن ثمة من يؤكد ان تصعيده المرتفع السقوف سيدفع الى مراعاته اكثر في امور عدة.