بعد اعدام الشيخ نمر باقر النمر في السعودية وبتوقيت لافت افتتحت فيه المملكة عام 2016 استحضرت الاوساط المواكبة للمجريات كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لبس شكل النبوءة مختتماً فيه العام 2015 وقد حذر فيه بري من «تطورات اقليمية متسارعة لا يمكن التكهن بنتائجها»، وكان اول الغيث ان رهان البعض على انفتاح سعودي – ايراني قد سقط، لتفتح صفحة جديدة من العداء بين الطرفين هي اشبه باعلان حرب بينهما، لا سيما ان ايران قرأت اعدام النمر انه عملية تصفية مذهبية، اضافة الى اطلالة الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ليضع النقاط على الحروف، بشكل واضح مشيراً الى ان السعودية و«داعش» وجهان لعملة واحدة والكتب التي يدرسها التكفيريون هي طباعة وصناعة سعودية بامتياز، في وقت اعلنت فيه المملكة قطع علاقاتها الديبلوماسية بالجمهورية الاسلامية في ايران على قاعدة «افضل وسائل الدفاع الهجوم» بعد الهجوم الذي تعرضت له السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، في وقت رد الرئيس سعد الحريري على السيد نصرالله منبهاً الى «المسلسل الايراني الطويل» متهماً ايران بـ«ازهاق ارواح الابرياء والمعترضين على ولاية الفقيه واهدار دماء الالاف من ابناء الشعب الايراني المشردين في مشارق الارض ومغاربها» ما يدفع منسوب القلق الى حدود الكوابيس من تداعيات اعدام الشيخ النمر على الساحة المحلية المصابة بنقص المناعة المكتسبة ووقوف جميع مؤسساتها واداراتها على شفير الهاوية حيث الفراغ يستوطن الكرسي الاولى ناهيك بشلل مجلسي النواب والوزراء فكيف ستكون الحال بعد دخول العلاقات الايرانية – السعودية الى حدود المواجهة المباشرة؟
وتضيف الاوساط ان اعدام الشيخ النمر ان دل على شيء فعلى الضعف والارباك الذي يعصف بالسعودية في ظل خلاف الامراء من الجيل الثاني وغرق المملكة في حرب اليمن اضافة الى فشلها في سوريا حيث كانت تراهن على معركة دمشق عبر رجلها زهران علوش الذي شكل مصرعه مع قيادات تنظيمه ضربة قاسية للسعودية، وردت عليها باعدام النمر وفق العارفين بالعقلية البدوية الحاكمة، وما يخشاه المراقبون تداعيات الصراع على الرقعة المحلية المنقسمة عامودياً بين التحالفين الاقليميين في مرحلة يعاد فيها صياغة الحدود والانظمة في الشرق الاوسط المترامي الاحزان والدموع.
وتشير الاوساط الى ان اولى نتائج الكباش الايراني – السعودي سينعكس على الاستحقاق الرئاسي الذي بات مؤجلاً حتى اشعار آخر، ناهيك بمسألة تفعيل مجلس الوزراء الذي يعتبر دخل خانة افلام الخيال العلمي اضافة الى ان التقاصف الكلامي بين 8 آذار وصقور «المستقبل» يبشر بما لا تحمد عقباه على ارض الواقع ما يطرح السؤال البديهي حول مصير طاولة الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل» التي يرعاها بري فهل ستنعقد مجدداً ام انها «طارت» الى غير رجعة، علماً ان السيد نصرالله مايز بين آل سعود الذين قتلوا الشيخ النمر واهل السنة منعاً للانزلاق الى الفتنة الطائفية، في وقت يرى فيه المراقبون ان استهداف الرؤوس من علوش الى الشهيدين سمير القنطار والشيخ النمر هو بداية لترتيب طاولة الحلول من سوريا وصولاً الى اليمن وان لبنان المرتبط عضوياً بمحيطه لن يكون خارج المسألة لا سيما ان اللبنانيين يقاتلون في سوريا والعراق وموزعون في خنادق متقابلة، فهل ينقلون معهم احقادهم ام ان الامر اكبر بكثير منهم لا سيما ان البلد لا يزال يعاني من نتائج حروبه العبثية!