عون «أنقذ ما تبقَّى من عهده» واللقاء التشاوري كرَّس حيثيته
هل تُبصر حكومة الوحدة الوطنية النور قبل عيد الميلاد؟
السؤال المطروح: هل يُمكن لمثل هذا التجمع المتناقض داخل الحكومة أن يتفق على خطة إنقاذية للبلد؟
تجمع كل مصادر المعلومات على أن الأزمة الحكومية التي إستأثرت باهتمام داخلي وخارجي واسع، وجدت طريقها إلى الحل، وأن الحكومة العتيدة ستبصر النور بين ليلة وضحاها ما لم يطرأ تطور جديد في اللحظات الأخيرة، يقلب الطاولة على رؤوس الجميع، ويعيد الأزمة إلى المربع الأول.
وتجمع هذه المصادر على أن الفضل الأول في هذا التحوّل الكبير يعود في الدرجة الأولى إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي بادر الى اجتراح الحل الذي انهي الأزمة المستعصية بالتنازل عن الوزير السني الذي هو من حصته لصالح «اللقاء التشاوري» الذي يضم النواب السنة الستة من خارج نواب «المستقبل»، على أن يختار هو واحداً من ثلاثة أسماء يقدمها هذا اللقاء من خارجه، وبذلك يكون الرئيس عون قد راعى بذلك الرئيس المكلف الذي كان رفض النزول عند طلب حزب الله في توزير أحد هؤلاء النواب واعتبره تدخلاً في صلاحياته التي منحه إياها الدستور لجهة انه هو ورئيس الجمهورية وحدهما يشكلان الحكومة ويصدران مرسوم التأليف، وعملية ابتزاز له ولمن يمثل سياسياً وشعبياً بافتعاله كتلة نيابية سنية لا حيثية لها بهدف عرقلة تشكيل الحكومة لاعتبارات إقليمية مرتبطة بالمعركة الطاحنة الدائرة حالياً بين الولايات المتحدة، وإيران على خلفية العقوبات المشددة التي فرضها الرئيس ترامب على الجمهورية الإسلامية رداً على رفضها طلبه تعديل بنود الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الكبرى في عهد سلفه.
لكن مصادر حزب الله تضيف على هذه القراءة التي يرددها الشارع قراءة أخرى لتترك انطباعاً عاماً بأن الفضل الأول والأخير في حل الأزمة يعود في الدرجة الأولى إلى نواب اللقاء التشاوري الستة لأنهم «لاقوا» مبادرة رئيس الجمهورية في منتصف الطريق وقبلوا في ذات الوقت بالحل الذي تضمن هذه المبادرة رغبة منهم في ضرورة إنهاء هذه الأزمة التي بات استمرارها يُشكّل خطراً على بنية الدولة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، كما يعود إلى حزب الله الذي ردّ على الإيجابية التي صدرت عن رئيس الجمهورية بأفضل منها لتثبت لمن لا يريد أن يعترف بأن الحزب ما زال على موقفه الثابت بضرورة قيام حكومة جامعة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة، والبدء بفتح ورشة عمل لتحقيق الإصلاحات التي يتطلبها الوضع الداخلي لوقف الانهيار من إيقاف الهدر العام وتخفيض العجز في الخزينة العامة والدين العام الى وضع خطة عاجلة لمحاربة الفساد المستشري في كل مرافق الدولة وشرايينها.
والأهم من كل ذلك يكون الحزب بموافقته على مبادرة رئيس الجمهورية قد سجل نقطة بارزة وأساسية تؤكد على حرية قراراته التي يتخذها من وحي المصلحة الوطنية العامة وليس بناء على املاءات خارجية إيرانية كانت أم غير إيرانية.
أما الانتصار الذي تحقق من مبادرة رئيس الجمهورية هو اعتراف الرئيس المكلف بأن نواب اللقاء التشاوري يشكلون حيثية نيابية وسياسية لا يستطيع أي أحد تجاهلها أو القفز فوقها في المستقبل، ويعزو الحزب هذا الانتصار إلى أمرين:
أولاً ثبات النواب الستة على موقفهم وعدم رضوخهم للضغوط السياسية والشعبية. وثانياً باعتراف كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بأنهم ككتلة نيابية لها حيثية انتخابية وسياسية لا يُمكن تجاهلها من أي كان.
وبصرف النظر عن هذه النقاط التي أثيرت على هامش المبادرة الرئاسية، والتي تهدف أن يجير كل فريق الحل الذي أنهى الأزمة الوزارية إلى مصلحته تجاه الرأي العام اللبناني الذي يراقب باهتمام مناورات القوى السياسية، طيلة الأشهر السبعة الماضية، فإن الكلام المفيد بعد هذه النقلة النوعية لرئيس الجمهورية يجب ان يتركز على مشروع الحكومة العتيدة لإنقاذ البلد من الانهيار الذي حذر منه رئيس الجمهورية بعدما اطلع على كل التقارير الداخلية والدولية عن حالة التخبط التي يعيشها لبنان اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، وهل يُمكن لمثل هذا التجمع المتناقض ان يتفق على مثل هذه الخطة الإنقاذية، أم ان التناقضات التي تطفو على السطح ستنتقل حتماً إلى داخل مجلس الوزراء، وتقضي على كل ما تبقَّى من أمل عند اللبنانيين في الخروج من النفق المظلم.
قد ترى المصادر السياسية انه من المبكر فتح هذا الملف قبل ان تبصر الحكومة النور ويتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من خلال البيان الوزاري الذي يفترض ان يُشكّل الجامع الأساسي بين القوى التي تألفت منها الحكومة، وإن كانت كل الدلائل الآنية تُشير إلى وجود صعوبات جمَّة امام اتفاق هذه القوى على مضمون هذا البيان لا سيما في ما يتعلق بالخطة الإصلاحية في حال استثني موضوع المقاومة بإعتماد الصيغة نفسها التي اعتمدتها الحكومة المستقيلة.