إذا سارت الأمور وفق ما هو مرسوم لها ستشهد الساعات القليلة المقبلة ولادة الحكومة الجديدة، بعد نجاح المساعي في تذليل العقبات التي كانت تعترض التأليف، وتحديداً ما يتصل بما سمي «عقدة النواب السنة المستقلين»، في حين ينتظر أن لا يشكل البيان الوزاري للحكومة العتيدة مشكلة، باعتبار أن هناك توافقاً مسبقاً على اعتماد بيان حكومة تصريف الاعمال، على ما قالته لـ«اللواء»، أوساط نيابية في كتلتي المستقبل والتنمية والتحرير، سيما وأن الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، كما بقية الأطراف السياسية، يرون أن من المصلحة الوطنية السير بهذا التوجه، تفادياً لافتعال أزمة في غير محلها ومن أجل أن تتقدم الحكومة بالبيان الوزاري إلى المجلس النيابي، لتنال الثقة على أساسه.
وأشارت الأوساط إلى أن هناك توافقاً أيضاً على ألا تستغرق اجتماعات لجنة صوغ البيان الوزاري أكثر من جلستين أو ثلاث على أبعد تقدير، كي يحدد بعدها رئيس مجلس النواب جلسة نيل الثقة، والتي يرجح أن تكون مطلع السنة الجديدة، بعد التشاور مع رئيس الحكومة والكتل النيابية، لافتة إلى أن البيان الوزاري سيتضمن بعض البنود الاقتصادية التي وردت في مقررات مؤتمر «سيدر»، خاصة وأن الأولوية لدى الحكومة الجديدة ستكون لمعالجة الملفات الاقتصادية الضاغطة التي تشكل العنوان الأساسي للمرحلة المقبلة، بعد التراجع المخيف في الأرقام الاقتصادية وانعكاسها على مختلف القطاعات، إضافة إلى ضرورة أن يتم التعامل مع موضوع الفساد بكثير من الاهتمام، وأن تكشر الحكومة عن أنيابها على هذا الصعيد، بالنظر إلى المخاطر الكبيرة التي تتهدد مؤسسات الدولة إذا لم تكن هناك خطة واضحة للتصدي لهذه الآفة التي تفتك بالجسد المؤسساتي.
في المقابل، لا تخفي مصادر سياسية متابعة قلقها من محاذير سياسة جديدة قد تعتمدها الولايات المتحدة الأميركية أو بعض الدول الأوروبية مع الحكومة اللبنانية، وتحديداً ما يتصل بوزارة الصحة التي أصبحت بعهدة «حزب الله»، حيث أن واشنطن وعدد من العواصم الغربية، ربما تجد نفسها مضطرة إلى تغيير سياستها التي كانت تعتمدها مع هذه الوزارة في الحكومات السابقة، الأمر الذي سيترك انعكاسات مباشرة على حجم المساعدات المقررة للبنان، في وقت أحوج ما يكون البلد لتلبية احتياجاته الصحية والاجتماعية وما أكثرها، وهذا بالتأكيد سيزيد من حجم التحديات التي سيواجهها لبنان.
وتأمل المصادر أن تعي المكونات الوزارية دقة الظروف التي رافقت ولادة هذا الحكومة، وتأخذ على عاتقها مهمة تفعيل أدائها وتنشيط دورها، لتتمكن من إنجاز المهام التي تنتظرها وما أكثرها، مشيرة إلى أن عدم حصول أي طرف على الثلث المعطل، يساعد على تحرر الحكومة من تسلط أي فريق على قرارها السياسي، كما كان يحدث في الحكومات السابقة، ويوفر لها مساحة أكبر من العمل وعدم الارتهان لأي طرف، بحيث سيمكنها ذلك من الحفاظ على تماسكها ووحدتها، في مواجهة الاستحقاقات المقبلة.