لو ان العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، المرشحين لرئاسة الجمهورية عن قوى 8 آذار، وبحاجة الى دعم نواب من قوى 14 آذار، ليصل احدهما الى منصب الرئاسة الاولى، ابتعدا قليلا عن موقف حلفائهما في 8 آذار المهللّين لاطلاق ميشال سماحة، واخذا موقفا واقعيا وبديهيا في مثل هذه الحالة الشاذة، ودانا اطلاق سماحة غير المعقول وغير المبرّر وغير المفهوم الاّ برغبة 8 آذار في تسجيل هدف في مرمى 14 آذار المتهالكة حاليا، لكانا اقتربا خطوة من جمهور 14 آذار، الغاضب على ترشحهما وعلى اطلاق سماحة، واعطيا اشارة الى اللبنانيين عموما وجماهير 14 آذار خصوصا انهما على مسافة واحدة من الجميع، ومع سيادة القانون ومع الغاء المحاكم الاستثنائىة مثل المحكمة العسكرية التي كان لها دور بارز في قمع الشباب المطالبين بالسيادة والحرية والاستقلال اثناء الوصاية السورية، وزجّت المئات منهم في السجون، وكانا حرّرا ايضا سعد الحريري وسمير جعجع من احراج مشترك لقبول كل منهما بمرشح من 8 آذار وكانا اثبتا للشريك في الوطن، ان المسيحيين يرفضون بالاجماع اي عمل اجرامي ضد اي مكوّن من مكونات الشعب اللبناني، وكان يمكن لموقفهما هذا ان يكون بداية نهاية التشرذم المسيحي من جهة، ونقطة انطلاق لجمع اللبنانيين حول مرحلة جديدة من التعاون الكامل من جهة ثانية ونقطة انطلاق لجمع اللبنانيين حول مرحلة جديدة من التعاون الكامل من جهة ثانية لاعادة الاعتبار الى القوانين والدستور والقضاء والمؤسسات، والدولة صاحبة السيادة والقرار والمسؤولية على جميع الاراضي اللبنانية، ولكنهما مع الامن لم يثبتا عمليا ما صرّحا به علانية عن استقلالية ونية في الاصلاح والتغيير، وفي مكافحة الفساد وتجاوز القوانين، بل انهما على ما يبدو ويقال، خلقا شرخا جديدا في الجسم المسيحي، حيث يسعى فريق من المسيحيين الى تأليف جبهة للوقوف في وجه ترشيحهما من قبل سعد الحريري وسمير جعجع، والمطالبة بمرشح توافقي وسطي، او مرشح من قوى 14 آذار، وعند التعذر لا بأس في ان يبقى الفراغ هو الرئيس، بدلا من انتخاب رئىس يغطّي حالات مثل حالة اطلاق ميشال سماحة.
* * *
في 14 آذار 2005 خرج من قمقم الخوف والقمع والاستسلام مارد كبير هو جماهير 14 آذار التي كان جمهور التيار الوطني الحرّ، جزءا اساسيا منها، بما يعني ان التيار كان شريكا في ثوابت ذلك اليوم وشعاراته في الحرية والسيادة والاستقلال والقضاء المستقل العادل وخروج التيار من انتفاضة 14 آذار لاسباب اصبحت معروفة من الجميع يجب الاّ يكون خروجا على هذه الثوابت والشعارات التي تفتقد اليها قوى 8 آذار ومن الطبيعي بعد 11 سنة على ذلك اليوم التاريخي، وفي استحقاق وطني وسيادي مثل استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، يعني التيار الوطني الحر ويعني العماد ميشال عون ويعني جميع المسيحيين واللبنانيين ان يعود التيار الى قواعده الاصيلة، ويشارك السياديين امثاله، من اي فريق او حزب او فئة او طائفة او مذهب كانوا في معركة يصحّ وحدها ان تسمى مقدسة، لانها ستكون سلمية ومن دون دماء، بل بقوة الارادة والتصميم على انقاذ لبنان من تجار الهيكل وسماسرته ولصوصه، والطامعين به على قواعد واضحة من الصدق والامانة والشفافية واللبنانية الصافية بمعزل عن اي تحالف لا تكون هذه الثوابت في صلبه، لأن وضع لبنان لم يعد يسمح بانصاف الحلول او ارباعها او اخماسها.
ان لبنان الذي اريد له منذ وجوده ان يكون وطنا لجميع ابنائه مهما كانت طوائفهم ومذاهبم مهدد بتغيير هويته ووجهه وثوابته، ومن واجب المسيحيين الذين وضعوا اول حجر في بنائه، ان يرفعوا عنه هذ الخطر الذي تهدده والخطوة الاولى تكون بلمّ شملهم وشمل الذين يؤمنون مثلهم بلبنان الوطن وليس لبنان الولاية.