يبدو واضحا من كواليس الأروقة السياسية بأن الأزمة بين الرئيس سعد الحريري وحلفاء الأمس مستمرة ولو بدرجات مختلفة رغم كل التدخلات و المبادرات المحلية والإقليمية التي فشلت جميعها حتى الساعة من احداث أي خرق لتسوية الأمور التي لا تزال عالقة حتى اشعار آخر.
وإذا كانت الضغوط السعودية والنصائح الفرنسية قد فعلت فعلها في تأجيل الرئيس سعد الحريري لموضوع «بق البحصة»، إلا أن هذا الأمر وبحسب المتابعين للوضع اللبناني لم ينجح في حجب تفاعلات الخلاف القائم بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية وسائر القوى المحلية التي يعتبرها الحريري وفريق عمله الضيق بأنهم شركاء في عملية الانقلاب على زعامته الوطنية والسنية في لبنان خلال الأزمة الأخيرة.
وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر سياسية واسعة الاطلاع بأن هناك من لا يزال يعمل داخل التحالف السياسي القائم بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر على موضوع عزل القوات اللبنانية سياسيا وذلك تمهيدا لعزلها انتخابيا وبالتالي محاربتها وتطويقها على كافة الصعد، وبحسب المصادر أن الحريري وبعد نصائح محلية وأخرى عابرة من خلال بعض القنوات الدبلوماسية لا سيما الغربية منها قد جعلته يتدخل لفرملة المسار الجاري على صعيد عزل القوات اللبنانية خلف عنوان محاسبتها عن مواقفها خلال الأزمة الأخيرة.
وتشير المصادر بأن بعض الزعماء المخضرمين بالعمل السياسي والانتخابي يتحدثون عن موضوع عزل القوات اللبنانية سياسيا وانتخابيا في مجالسهم بطريقة أخرى، أي أن لهؤلاء الزعماء نظرة مغايرة لنظرة بعض قوى السلطة لا سيما نظرة بعض الصقور في التيار الوطني الحر وتيار المستقبل من موضوع عزل القوات اللبنانية، حيث أن هؤلاء الزعماء يعتبرون بأن عزل القوات اللبنانية سيكون له ردة فعل عكسية تجاه الشارع المسيحي الذي سيتعاطف مع القوات اللبنانية في وجه الهجمة القوية عليها والتي الغاية منها تطويق وعزل القوات اللبنانية، سيما ان هناك تجارباً عديدة في لبنان على هذا الصعيد تؤكد بأن سياسة العزل تنتج شعبية عند الفريق الذي يتعرض للعزل وتجربة الحلف الرباعي في العام 2005 في وجه التيار الوطني الحر أدى إلى فوز ساحق وقوي للتيار في كافة الدوائر المسيحية وآنذاك قوى السلطة المتحالفة كافة قوية وتوازي قوتها السياسية والانتخابية نفوذ وقوة قوى السلطة الحالية، سيما أيضا أن نموذج سامي الجميل واضح في المعارضة حيث أن معارضة سامي الجميل ومحاولة عزله في الانتخابات البلدية وعلى صعيد أداء العمل الحكومي من قبل الثنائي المسيحي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بعد ورقة «تفاهم معراب» بينهما قد زاد من شعبية الشيخ سامي الجميل وهذا ما أكدته استطلاعات عديدة، كما أن هناك من يرى بأن قرار عزل القوات اللبنانية وفي حال تحول إلى واقع فأن هذا الأمر سيقود القوات اللبنانية إلى تحالف مع حزب الكتائب بقيادة الشيخ سامي الجميل وهذا الأمر سوف يقود إلى انقلاب سحر عزل القوات اللبنانية على الساحر خصوصا في المناطق المسيحية.
وتؤكد المصادر عينها بأن تراجع الحريري عن خطوة بق البحصة لم يأتِ نتيجة نصائح محلية وحسب بل أن هذا الأمر حصل بضغط سعودي ونصائح فرنسية، وهذه النصائح أكدت للحريري بأن الذهاب بعيدا في موضوع عزل القوات اللبنانية سيكون له انعكاسات سلبية على صعيد الساحة المحلية الهشة التي لا تحتمل مزيدا من الانقسامات الحادة والمواجهات المفتوحة على كل الاحتمالات، كما أن هذه النصائح تضمنت التأكيد على عدم التسرع في خطوات التصعيد خصوصا أن مثل هذا التصعيد هناك احتمالات كثيرة أن يفيد القوات اللبنانية على صعيد كسب تعاطف ودعم الشارع المسيحي.