نود أن نستخلص من الإيجابية التي حفل بها هذا الأسبوع مناخاً ملائماً لإنطلاقة جديدة جدّية للدولة في أعقاب الإنتخابات النيابية العامّة التي مهما كابر البعض فلا يمكن إنكار حسن استقبالها في العالم كله. بشهادة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وما أدلى به من كلام إثر زيارته القصر الجمهوري أمس حيث استقبله الرئيس العماد ميشال عون.
ويأمل اللبنانيون وأصدقاء لبنان، عرباً وأجانب، ألا تطول عملية تشكيل الحكومة، ذلك أنّ المرحلة حرجة في المنطقة وفي العالم. ولعلّ الولايات المتحدة الأميركية تدرك أنّ قرارها فرض عقوبات جديدة على حزب اللّه لا يمكن أن ينعكس تشكيلاً للحكومة الجديدة من دون أن يكون الحزب ممثلاً فيها. والقرار الذي رفض (لأول مرة)، التمييز بين جناح عسكري وآخر مدني في «الحزب»، وانضمت اليه في ذلك دول الخليج العربي، يتخوّف البعض من أن يكون مدار أخذ ورد يستمران ويستمران… ما يؤدي الى تأخير التأليف.
إلاّ أنّ للواقع اللبناني ظروفاً وأحكاماً وحقائق لا يمكن تجاوزها أو العبور فوقها وكأنها لم تكن. صحيح أن هذا الموقف الأميركي – العربي المستََجَد قد يتسبب في إرباك أطراف داخلية. ولكن أشد أخصام حزب اللّه السياسيين في لبنان لن يقولوا بعزل الحزب. ذلك أن الواقع يثبت تعذر الفصل بين الحزب (والثنائي الشيعي عموماً) وجمهورهما العريض جداً في الطائفة الشيعية الكريمة. وهذا ما تكشفت عنه الإنتخابات النيابية.
من هنا يُسْتَبْعَدُ أن يشترط أي طرف داخلي عدم ضم التشكيلة الوزارية ممثلين للحزب في صفوفها. والسؤال الذي يطرح ذاته: في حال تشكلت الحكومة بممثلين للحزب هل يقاطع الأميركي لبنان؟ وهل توقف واشنطن مساعداتها للجيش اللبناني. ومع أن الجواب بالجزم سابق لأوانه، فإنّ الجميع، تقريباً، يستبعدون مثل هذا الإجراء. مع العلم أنّ أقل ما يُطلب من الحزب ألاّ يقدم بين مرشحيه للحكومة اسماً أو غير إسم من تلك التي وردت في قرار العقوبات الأخير.
تبقى المناكفات والتشاطر والتذاكي وشدّ لحاف التشكيلة من كل طرف الى جهته وسوى ذلك من المطالب والعراقيل. فهذه كلّها يفترض أن تسقط، ولو بالحد الأدنى، في مرحلة التأليف. إلاّ إذا كان ثمة أطراف تريد أن تمارس ضغوطاً لن يكون لها أي معنى خارج وضع العصي في الدواليب.
أما بالنسبة الى كلام الرئيس عون عن أكثرية توالي وأقلية تعارض فهذا ذروة الديموقراطية كي لا تتحول الحكومة الى مجلس نواب مصغّر يسقط فيه مبدأ «التعاون» بين السلطات الذي يقول به الدستور، ليحل محله مبدأ «إختلاط» السلطات… وتلك حال كارثية يتعذر معها أي إصلاح لايزال أصدقاء لبنان في الخارج يطالبون به.