مجزرة ثانية ارتكبت بحق الكلاب، بعد المجزرة التي حدثت قبل مدة في منطقة الضاحية الجنوبية للعاصمة. أما المجزرة الجديدة فسُجّلت في ميناء طرابلس. مع فارق كبير أنّ المجزرة الأولى (وتبعتها مجازر متفرقة في غير منطقة لبنانية) استهدفت كلاباً شاردة، وأمّا المجزرة الجديدة فراح ضحيتها عشرات الكلاب التي لها من يأويها ويطعمها ويهتم بها في شكل أو في آخر.
ونود أن نعلن ليس فقط الأسف على ما أصاب هذه الحيوانات الصديقة للإنسان، إنما على المستوى الذي إنحدرت إليه الأخلاق في هذا الوطن الذي تتناسل السلبيات فيه بسرعة ضوئية.
ولنا ثمة ملاحظات:
الأولى – ليست الكلاب الشاردة ظاهرة حديثة في لبنان وشوارع العاصمة وسائر المدن. إنما هي مزمنة منذ أن روّض الإنسان الكلب (هذا الحيوان الذي كان وحشاً برياً) ليصبح حيواناً أليفاً، صديقاً، وديعاً، خادماً، مطيعاً، ورفيقاً للكثيرين من الناس.
الثانية – كانت مواجهة الكلاب الشاردة من مهام الشرطة البلدية في المدن والبلدات والقرى وفي محيطها. ولا تزال الذاكرة تستحضر مشهد رجال الشرطة البلدية يحملون الشِباك، في الشوارع، ويأسرون فيها كلاباً شاردة…
الثالثة – الكلاب الشاردة لا تأتي من المجهول. إنها سليلة كلاب مملوكة (أو كانت مملوكة) من أشخاص معروفين إسماً ومكان إقامة. وبالتالي يجب البحث عن هؤلاء وإنزال أشد العقاب بهم كونهم لم يحفظوا الكلاب في المنازل العادية والدور والقصور ولم يتحملوا مسؤوليتهم إزاءها.
الرابعة (واستطراداً) – دور البلديات بالذات وأي جهة مختصة عموماً، أن تفرض إعطاء رقم لكل كلب مع «بطاقة هوية»، تتضمن إسمه، وتاريخ ولادته، ورقمه الذي يعلّق في رقبته بشكل ثابت، وطبعاً إسم المالك وعنوانه… ذلك أن هذه الإجراءات حتمية في البلدان التي تحترم ذاتها والهدف منها حماية هذا الحيوان الأليف وأيضاً حماية صاحبه والآخرين ممّا قد يتعرّض له من أمراض أو ممّا يلتقط من فيروسات وجراثيم… على أن يكون لدى مقتني الكلب سجل صحّي كامل لكلبه يُسجل فيه كل ما يطرأ على صحته من تحوّلات ومستجدات.
الخامسة – وفي بلدان العالم يُلاحق صاحب الكلب على صحة كلبه وما إذا كان عرضة لأي تطور أو نكسة صحيّة… خصوصاً وأنّ أحداً لا يتمنى أن تتكرّر مأساة الشاب الذي فجع ذووه بوفاته جراء تعرّضه لعضة من كلب الجيران «الكلبان». ولو كانت سائر الإجراءات الصحيّة متوافرة بشكل سليم لما فقد حياته شاب في ريعان الصبا وفورة العمر، لتطاول الفجيعة والديه وسائر ذويه الذين سترافقهم هذه الغصّة وهذا الحزن حتى آخر العمر.
إن المجازر التي تطاول الكلاب في لبنان هي وصمة عار في جبين الإنسان اللبناني المعروف عنه أنه صديق للحيوان باستثناء قلة تتعمد قتل هذا الصديق الوفي.
مع تسجيل الآتي:
1 – في طريقي الى الشمال ومنه الى العاصمة لا يمرّ يوم واحد من دن تعمد سائق ارعن أو مجموعة سائقين رهس الكلاب الشاردة خلال إجتيازها الأوتوستراد السريع.
2 – يتبين لنا، من معلومات دقيقة، أنّ معظم مجازر الكلاب إنما هي بتدبير من الدوائر البلدية في غير منطقة من لبنان، وليست فعلاً فردياً صادراً عن شخص موتور.