IMLebanon

بين أسبوعي المفاوضات من الدوحة والقاهرة.. توهان أميركي- إسرائيلي بين «صفقة الإذعان» و«صفقة الحقوق»!

 

بين الوقائع والمعطيات المحققة وشطحات الخيال والرغبات المحفوفة بالمصالح والحسابات، التي تنأى بأصحابها عن جادة الصواب، تعود مفاوضات التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين لدى إسرائيل وحماس وسائر فصائل المقاومة الفلسطينية، والتي من المفترض أن تفتح الطريق لوقف النار المؤقت أو الدائم في قطاع غزة بين أشهر اقتربت من إنهاء السنة الأولى، مع تجاوز عدد الشهداء الـ40 ألفاً، وعدد الجرحى الى 95 ألفاً، فضلاً عن الشهداء والمصابين على جبهات غزة والمساندة في لبنان إلى العراق واليمن..

السؤال الملحّ، هل ستصل المفاوضات الى إتفاق أم تتأرجح مع الوقت اللازم للديمقراطيين لإدارة حملات انتخابية تطيح الخصم الجمهوري الهاجم بشراسة إلى البيت الأبيض دونالد ترامب لتصفية جولة حسابات مع خصومه في الحزب الديمقراطي من جو بايدن وفريقه الى كاملا هاريس، المرأة، ذات البأس الشديد، التي تقاتل مع الفريق الديمقراطي لمنع «الهائج الجمهوري» من تحقيق منازعه الى الثأر والانتقام.

 

الإجابات التأرجيحية لا معنى لها، على طريقة «قد.. وقد» والإجابات القاطعة إيجاباً أو سلباً لا تستند الى ما يجري سواء داخل الغرف المغلقة في الدوحة، والذي سينتقل الى القاهرة، لتظهر نتائجه قبل نهاية الأسبوع، حيث كان الأبرز على هذا الصعيد، ترجيح قوي للبيت الأبيض بالتوصل الى إبرام اتفاق الصفقة..

لكن مسارعة «حماس» الى التهزيء، بما قاله جو بايدن عن الاتفاق، والسير التفاؤلي في مفاوضات الصفقة برعاية أميركية ومصرية وقطرية، وبمشاركة أمنية رفيعة من اسرائيل، أعادت الأمور إلى نقطة تكشف المستور الاسرائيلي من أن بنيامين نتنياهو يسعى إلى «صفقة إذعان»، تُبقي له السيطرة على المعابر، لا سيما معبر فلادفيا ونتساريم، فضلاً عن التحكم بحركة العمليات، وتفتيش الفلسطينيين العائدين الى القطاع..

 

يرغب نتنياهو باسترجاع الأسرى الاسرائيليين والأميركيين، ومواصلة الحرب، من أجل إبادة «حماس» وفرض شرائط حياة بالغة الصعوبة على الفلسطينيين الناجين من مجازر الموت والقهر والعذاب والتدمير، وكل أساليب وأشكال المسّ بالحياة الإنسانية، من أمن وحقوق وسلام واستقرار..

وتقف وراء نتنياهو الصهيونية الدينية، ليس على مستوى الوزيرين المتخلفين بن غفير وسيموريتش (وزير المالية)، وإنما المجموعة المتطرفة من حزبيين، ومستوطنين وحاخامات وضباط جيش وأمن وسوى ذلك من الزمر الدينية والقومية، المتطرفة في الكيان الأسواء من بين الكيانات البشرية على الأرض.

تقاتل «حماس» على الأرض المدمرة والمحتلة في قطاع غزة، ليس فقط من أجل طرد الاحتلال الاسرائيلي، او منع فرض شروط «صفقة مؤلمة»، بل لضمان دور لحركات المقاومة، في صناعة المستقبل الفلسطيني، على أي مستوى كان..

والثابت لتاريخه أن جبهات المساندة، ومنها جبهة الجنوب اللبناني، التي تشهد نزفاً ملموساً في الخسائر البشرية وغيرها، ماضية الى مواصلة «حرب الإسناد» مهما كلف الأمر من وقت وثمن بشري ومالي واقتصادي، للحؤول دون إلحاق الهزيمة «بحماس» أو حركات المقاومة..

يتخذ المشهد، مع الأسبوع الطالع بُعداً دراماتيكياً امام حركة الأحداث، الخاضعة لأجندات «دولة الاحتلال» والحسابات الدولية الداعمة لها.

ومع هذه الصورة الماثلة الى السواد، تمضي المفاوضات، وفي الوقت نفسه، تمضي للاستعدادات لما هو أشدّ فتكاً وتدميراً ما لم يحدث في «الدولة العبرية» من يكبح جماح القتل والتدمير، ويحتكم الى منطق التاريخ، بأن الحق في تقرير المصير مسألة وقت في حياة الشعوب المحتلة أو المضطهدة..

وعلى جبهتي ايران وحزب الله، تبقى الاسئلة ماثلة في الأجندات: هل تردّ ايران ومتى وبأي عيار عسكري، وهل يردّ حزب الله، ومتى وكيف، لا سيما بعد عرض فديو عماد- 4، الذي يحمل عنوان «جبالنا خزائننا»، ويتحدث عن شاحنات محمَّلة بالصواريخ البعيدة والدقيقة للحرب القادمة؟ من دون أن يعرف أحد من أن هذه الحرب قادمة!.

تتحدث التقارير، عن أن الضربة الإيرانية على سبيل الردّ على اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس في غرفة نومه في إيران آتية لا محالة، وهي تخضع لحسابات المدى والامكانيات والخبرات والنتائج، مع انهماك روسيا الحليفة بحرب داخل حدودها مع الجيش الأوكراني الذي صار جيشاً محتلاً داخل أراضيها!

أما حسابات حزب الله، فتخضع لمعايير أخرى، بعضها يتعلق بالتنسيق مع جبهات المساند الأخرى، ومراعاة الحسابات اللبنانية الدقيقة، وتعيين هدف عسكري قاتل، من عيار يعيد الاعتبار الى «الردع» بعد استشهاد فؤاد شكر غيلة في أحد أحياء الضاحية الجنوبية من بيروت، قبل اكثر من اسبوعين..

من الخطأ الحلول مكان الآخرين في التكلم عما يعنيهم.. ولكن ما يعني لبنان والقضية الفلسطينية، ومستقبل الصراع المفتوح، هو هدنة لا تؤسس لتراجع بل لتقدُّم يعيد الحقوق لأصحابها!