نصيحة بعدم الانجرار للعبة الخاطفين وتعويل على إبراهيم
مقاربة الدوحة لملف العسكريين: ملك الأمنيين وحدهم
تصنّف قطر ملفّ العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى «داعش» و«النّصرة» في خانة «الملفّ السرّي الدقيق جدا»، وعلى هذا الأساس، لا يحبذ المسؤولون في الدوحة التطرّق الى تفاصيله، ويشددون على «حصرية» الملف بين المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم ومسؤول المخابرات القطرية غانم الكبيسي ورئيس المخابرات التركية حاقان فيدان.
لكنّ القطريين لا يترددون في التصريح بأنّ الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة اللبنانية تمّام سلام الى الدوحة مؤخرا كانت «ناجحة جدا»، وقد عبّر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن استعداد قطر لمساعدة لبنان في قضية العسكريين لكن التفاصيل «ملك الأمن وحده، ولا أحد يتدخّل بها» بحسب أوساط قطرية عليمة رفضت الكشف عن هويتها.
توخي الحذر في المعلومات شرط أساسي إذاً في مقاربة قطر لهذا الملفّ، لأنّ أي تسريب لمجريات سير القضية «قد يسيء إليها، حتى المعلومة الصحيحة قد يقرأها البعض بطريقة خاطئة أو قد تجتذب متضررين»، لذلك تكتفي قطر عبر القنوات الديبلوماسية بتظهير نياتها تجاه «لبنان الشقيق»، وبأنها «مستعدّة للمساعدة في حلّ قضية المخطوفين قدر إمكاناتها، وهي لن تتقاعس دقيقة واحدة عن تسهيل أيّ أمر بمقدورها القيام به، ولن تتوانى عن تسهيل أي مخرج للقضية يتم عبر جهود الدولة اللبنانية وبمساعدة أيّ جهة كانت، فالمقاربة القطرية لملفّ الجنود إنسانية بحتة، وهي تحرص على الكتمان لأنها لا تريد الإساءة الى المساعي القائمة».
وتنصح الأوساط القطرية اللبنانيين بالحذر والتروّي في التعامل مع الملف، وخصوصا بعدما بات واضحا جدّا أنّ الخاطفين يلعبون بشكل مدروس على الوتر الملتهب للعصبيات المذهبية والمناطقية في لبنان، من هنا «وجوب عدم انجرار الشارع الى أساليبهم ومخططاتهم الهادفة الى زرع التوتّر الطائفي والعشائري والمناطقي». وتلفت الأوساط القطرية الانتباه الى الدّور المسؤول لوسائل الإعلام اللبنانية التي يجب ألا تنجرّ الى اللعبة التي يحاول الخاطفون إدخال لبنان في دوامتها، «فالخاطف عندما يدرك مدى الاهتمام بقضية معينة يتشدد أكثر ليضعف الحكومة وليرغمها على الرضوخ لمطالبه، من هنا واجب توخي الحذر سياسيا وإعلاميا».
ومن أحدث الأمثلة التي تقفز الى ذهن الأوساط القطرية «كيفية معالجة تركيا لمسألة خطف ديبلوماسييها الـ49 منذ 5 أشهر بحيث نسي الجميع أنّ لدى تركيا مخطوفين نظرا الى التعتيم الكامل على القضية، سواء من قبل السياسيين الأتراك أو من قبل الأمنيين ووسائل الإعلام التركية، وفجأة يخرج هؤلاء في طريقة لم تتضح فصولها بعد وربما لن تتضح في المدى المنظور».
النية القطرية بمساعدة لبنان «موجودة» لكن الطريقة والأسلوب «يبقيان رهن التنسيق السري بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والقطرية، لأن الأمر خطر ودقيق وثمّة أرواح جنود وعسكريين موجودين تحت رحمة خاطفيهم» تقول الأوساط القطرية لـ«السفير».
وتبقى مسألة ما يسمّى الوسيط القطري غامضة: هل هو موجود أم لا؟ هل هو قطريّ أم لا؟
لا إجابة عن هذا السؤال، لكنّ المؤكد أنّ قطر «لا علاقة مباشرة لها بالخاطفين سواء من داعش أو النصرة»، وتلفت الأوساط المذكورة الانتباه الى أنّ الخاطفين «ليسوا حلقة التفاوض الأولى أو الأساسية بل وراءهم من وراءهم… وأية معلومات يطلبها اللبنانيون عليهم استقاءها من اللواء عباس ابراهيم المكلّف بهذا الملفّ رسميّا من قبل الحكومة اللبنانية».
وفي ما يخصّ ترجمة النيات القطرية الايجابية بدعم الأجهزة الأمنية اللبنانية كما تبلغ الرئيس سلام من المسؤولين في الدوحة، «المطلوب تنسيق عملي بين الأجهزة الأمنية اللبنانية المعنية وسلطات قطر لتحديد الاحتياجات، فالمسألة تتطلب تنسيقا ثنائيا فحسب، ذلك أن الإرادة القطرية مستمرة بضرورة دعم لبنان للحفاظ على أمنه واستقراره» بحسب الأوساط القطرية.
تتمسك قطر بعبارة أنها «شقيقة» للبنان وليست «صديقة للبنان»، فهم يعتبرون العبارة الأخيرة بمثابة إنقاص من مستوى العلاقة بين البلدين، وتعرب عن استمرار دعمها للبنان كما فعلت إبان حرب تموز 2006. وتشير الأوساط القطرية الى أن القطريين يملكون منازل في المناطق اللبنانية كافّة وجميعهم تقريبا زاروا لبنان أقله مرة واحدة، ومن لم يزر بيروت يقال له «إنت مش قطري».