هذا المقال أضعه بين يديْ معالي وزير الداخليّة نهاد المشنوق، ولنا فيه ملء الثقة فالرّجل يحمل بين يديْه كرة النار في لبنان لإبعاده عن مآسي المنطقة، لأقول له، لقد فقد شارع بكامله الإحساس بالأمان، وتجاوز فلتان الأمن كلّ حدود من مثلث خلدة إلى دوحة عرمون، نحن بحاجة إلى مناطق ثابتة للجيش اللبناني ولقوى الأمن الداخلي، تزجر عصابات السرقة واللصوصيّة عن العبث بأمن الناس وأرواحهم، وهذا مطلبّ حيّ بأكمله كان يوم الأحد الماضي عصيباً عليه.
لم يكن فجر الأحد عاديّاً في الشارع رقم 13 في دوحة عرمون وهو الذي يطلق عليه سكّانه اسم شارع أكرم رضوان، كان وقع الصدّمة علينا شديداً وأبي يخبرنا أن لصّاً تسلّق منزلنا من عند الجيران باتجاه غرفة الجلوس محاولاً الدّخول من شبّاكها، ليفاجأ بوالدي جالساً على الكنبة وعندما سأله والدي ماذا يفعل وماذا يريد محذّراً إياه من مقتله إن سقط فرّ اللصّ وقفز مجدداً باتجاه حديقة الجارة ـ التي حاول أيضاً الدخول إلى منزلها وفشل ـ فتحطّمت الكراسي التي تسلّقها وفرّ هارباً!!
ثمّة لطفٍ إلهي حمانا فجر ذلك اليوم، لو لم يغيّر أبي رأيه ليقصد غرفة الجلوس لكان اللصّ فوق رؤوسنا ونحن نغطّ في نوم عميق، قبل يومين فقط كنت قد قرأت عن السيدة اللبنانية التي قتلها السوري أحمد الناصر بسبعة وعشرين طعنة سكين في منطقة الأونيسكو، أصبتُ بذعر شديد وأنا أسترجع الخبر بالنصّ الذي نشر به صباح الخميس الماضي «نفث دخان سيجارته الأولى على شرفة منزل الضحية، بعدما دخلها ليلاً بواسطة التسلق، لينتقل بعدها الى غرفة النوم حيث شاهد الضحية تغطّ في نوم عميق، فجلس بقربها لحوالى نصف ساعة ودخّن سيجارة أخرى، وهي لا تزال نائمة، الى أن أيقظها بعدما أحضر سكيناً من المطبخ وراح يطعنها الى أن فارقت الحياة بعد 27 طعنة. ولم يكتفِ القاتل بذلك بل حاول مجامعة الضحية بعد مقتلها ثم عدل عن ذلك بعد سرقته مبلغ مليون ليرة، لكنه قبل أن يفرّ هارباً بالطريقة نفسها التي دخل فيها، عرّج على المطبخ وتناول تفاحة، الى أن فضح نفسه وهو بحال السكر الشديد حين أخبر صديقاً له عن قتله امرأة وسرقتها».
كانت محاولة اللصّ لتكون حادثة فرديّة لولا أن شارعنا استيقظ على تعدد محاولات سرقة سيارات ومحاولة الدخول إلى مبنى مجاور، ما حدث كان حديث الليل والنهار، أمس أنهينا إجراءات الحماية على نوافذ وأبواب شرفات المنزل، عاثوا فساداً بأربع سيارات وسرقوا خامسة مشّطوا الشارع تقريباً عند الخامسة صباحاً، اتّضح أن لا بوابّة المبنى ولا كاميرات المراقبة في المباني تردع العصابات، من غير الطبيعي أن تتحوّل منازلنا إلى أقفاص، في منطقة تصنّف مكتظّة سكنيّاً، ثمّة شوارع تحتاج إلى نقاط أمنية ثابتة خصوصاً وأنّها تعتبر شوارع رئيسيّة لا فرعيّة في منطقة تعجّ باللاجئين السوريين الأوادم منهم وغير الأوادم أيضاً وكثير منهم وجودهم «غير نظامي»، خصوصاً وأن وحي الإرهاب وشبح سرقة السيارات لتفخيخها ماثلٌ في الأذهان!
تقدّم الجيران بشكوى أمام فصيلة دوحة عرمون التي أصبحت حقيقة بعدما كانت حلماً على يديْ الوزير نهاد المشنوق حضرت القوى المعنيّة صوّرت وأخذت السيارات لفحصها بعد العبث بها بشكل غير مفهوم، لم نتقدّم بشكوى، قناعتي أنّ القبض على العصابة سيحدث عاجلاً أم آجلاً، ولكن حتى حدوث ذلك المطلوب تسيير دوريّات في شوارعنا لنشعر بأنّها ليست متروكة للصوص مجهولي الهويّة انتظروا بوقاحة شديدة عودة الجيران من صلاة الفجر والاستسلام للنوم ليعيثوا فساداً في شارع آمن!
قبل يومين عند التاسعة والنصف مساءً وعلى الإشارة الحمراء عند مثلث خلدة حاصرت دراجتان ناريتان سيارة صغيرة بداخلها فتاتان وبلمح البصر انقضّ راكبا الدراجتيْن على السيارة فتحا البابين وسرقا حقيبتي الفتاتيْن وفرّا إلى جهة مجهولة، هاتان الحادثتان تقودان إلى استنتاج واحد، المنطقة مستهدفة بعصابات السرقة والنشل، عنّا نحن في الشارع 13 في دوحة عرمون ماذا نريد من قوى الأمن الداخلي ومن الجيش اللبناني ومن معالي وزير الداخليّة؟ نريد سحب كاميرات المراقبة المثبتة عند أكثر من مبنى ومراجعتها «إلا ما تكون شي واحدة» التقطت صورة ما تفيد التحقيقات فيما حدث فجر الأحد، ونريد نقطة أمنية ثابتة للجيش اللبناني تحمي هيبة الأمن المنطقة مع أوامر لها بالتصرّف، ودوريات تمرُّ من وقت إلى آخر تستطلع أمن الشوارع، مع معرفتنا مسبقاً بأنّ الأعباء الملقاة على هؤلاء جميعاً وأنّ الحرب على الإرهاب أولوية، ولكن أمن بيوتنا وشوارعنا أيضاً لا يقلّ أولويّة فهذه العصابات إرهاب من نوع آخر يفجّر الإنسان من داخله ويحوّله إلى رقم آخر على لائحة من يظنّون أن اقتناء السلاح الفردي لحماية النفس والأهل والولد هو الحلّ المتاح في لحظة فقدان الشعور بالأمان والأمن، والسلاح أداة الشيطان كائناً من كان يعتبر أنّه الحلّ الأخير!
ميرڤت سيوفي