IMLebanon

الدولار مفقود والأسعار ترتفع والأزمة مفتوحة

 

 

بعد الاقفال العام الذي يشهده العالم لاحتواء وباء كورونا، إضطربت دورة العمل والانتاج والاستيراد. فما مدى تأثر مستوردات لبنان بهذا الوضع؟ وهل نحن أمام أزمة نقص في المواد الاستهلاكية؟ وكيف يتمّ تأمين الدولار وتسعيره وانعكاسه على أسعار السلع؟

أدّى إحجام المصارف عن إعطاء الدولار للأسبوع الثالث على التوالي بذريعة كورونا، الى ارتفاع إضافي في سعر صرفه، والذي وصل أمس في السوق الموازية الى 2900 ليرة. هذه الزيادة ستنعكس ارتفاعات اضافية في اسعار السلع الاستهلاكية في الايام المقبلة، والتي ستُسعّر على اساس سعر الصرف الجديد.

 

في هذا السياق، أكد نقيب اصحاب السوبرماركت نبيل فهد انّ «الوضع صعب جداً ولا يتوفر لدينا دائماً بضائع جديدة بل من الصعب توفيرها. لذا، نحن نبيع من المخزون المتوفر، أضف الى ذلك صعوبة توفر العملة الصعبة لغرض الاستيراد وقد لمسنا ذلك خصوصاً من نحو أسبوع، فغالبية محلات الصيرفة مقفلة او لا يتوفر لديها الدولار».

 

وعمّا اذا كان هناك انقطاع في بعض الاصناف، قال: هناك صعوبة خصوصاً في توفير الحبوب، لأنه لا يمكن تخزينها لفترة طويلة كما يتمّ تسعيرها وفق سعر صرف الدولار. على سبيل المثال، تمّ احتساب سعر الأرُز الذي اشتريناه أمس على سعر 2850 ليرة مقابل الدولار، ورغم ارتفاع الاسعار نواجه صعوبة احياناً في إيجاد كل أصناف الحبوب وفق الكمية التي نطلبها، فقد نضطرّ الى التواصل مع 5 تجار لنؤمّن طلبياتنا.

 

بحصلي

في السياق نفسه، يقول نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ»الجمهورية»: «إننا من دون أدنى شك امام أزمة جديدة تضاف الى الأزمات السابقة المتمثّلة خصوصاً في توفير العملة الصعبة والتحويل الى الخارج، وبالتالي نحن امام مزيد من الصعوبات الناتجة عن الاقفال التام (lock down) في كل الدول، بما انعكس تراجعاً في القدرات الإنتاجية لكل المصانع والمعامل حول العالم إضافة الى التغيير في نمط العمل مثل متابعة الاعمال من المنزل، وتقليص دوام العمل، وتقليص عدد الموظفين في الشركة او المصنع. وبالتالي، هناك إنتاج اقل. وعليه، بتنا نلاحظ اليوم انّ الطلبية التي كانت تستغرق أسبوعاً لتصل الى لبنان باتت تتطلب شهراً لاستلامها».

 

وعَدّد بحصلي مجموعة من التحديات يواجهها المستوردون راهناً تضاف الى المشاكل التي كانت موجودة قبل أزمة كورونا:

– تراجع الإنتاج العالمي متأثراً بأزمة كورونا، وسيكون لهذا التراجع تأثيره على المدى الطويل.

– انّ إدارة الاعمال من المنزل ليست بنفس إنتاجية العمل من المؤسسة، اذا افترضنا انه تمّت عملية التصنيع يجب توفير مستندات الشحن، شهادة المنشأ، شهادة صحية وهناك صعوبة في توفير هذه المستندات في ظل توقّف غالبية العمّال عن العمل.

– صعوبة الشحن الى لبنان في ظل توقّف عمل المرافئ، لكننا في إطار التسهيل، تبلّغنا أمس من وزارة الزراعة تخليص البضائع بموجب نسخة عن الفواتير ريثما تعود الامور الى طبيعتها.

– أزمة توفير الدولار والتحويل الى الخارج، وهي أزمة لا تزال قائمة إنما زادت صعوبتها في الفترة الأخيرة، مع توقّف المصارف عن إعطاء الدولار للمودعين. صحيح انّ المصارف فتحت أبوابها امام تسهيل عمل التجّار، لكنّ دورة الأموال النقدية توقفت. في السابق، كان التجّار يسحبون أموالهم من المصارف بالعملة اللبنانية يشترون بها الدولار من عند الصيارفة، ويدخلون الدولار مجدداً الى المصارف بهدف تحويله الى الخارج، يحوّل المصرف الأموال الى الخارج ويستفيد من الكتلة النقدية بالدولار التي أدخلها التجّار الى المصرف لإعطائها الى المودعين الذين بدورهم يعطونها للصيارفة لتصريفها الى عملة لبنانية. امّا اليوم، وبعد توقّف المصارف عن إعطاء الدولار للمودعين تعطّلت هذه الدورة النقدية، الى جانب توقف شحن الدولار من الخارج بما أدّى الى فقدان الدولار من السوق. نحن اليوم نعوّل على اخراج اللبنانيين للدولارات التي قيل إنها مخبّأة في المنازل، رغم انها لا تكفي او لا تشكّل اكثر من 10 الى 20 % من حاجة الاستيراد السنوي، او انها تكفي حاجة الاستيراد لمدة شهرين. لكن ماذا بعد انتهاء هذه المدة؟

 

ورداً على سؤال، أكّد بحصلي اننا اليوم أمام أزمة كونية، ولا احد يعلم كيف سيسير الاقتصاد العالمي بعدها، فأزمة كورونا لا تزال في بدايتها، وتداعياتها ستظهر تباعاً، إنما حتى الآن ليس هناك نقص في المواد الاستهلاكية، فالمخزون الاستراتيجي يكفي لنحو شهرين الى ثلاثة اشهر مُقبلة. المستوردون لديهم مخزونهم، وكذلك التجار وأصحاب السوبرماركت، عدا عن التخزين الذي قام به المستهلكون في الفترة الأخيرة لتجنّب خروجهم اليومي من المنازل والذي بتقديرنا يَكفيهم لشهر أو اثنين.

 

في هذا الوقت، ورغم كل الصعوبات، لا نزال كمستوردين نعمل على تأمين حاجات السوق الاستهلاكية، وإذا تعرقلَ التصدير من بلد، نؤمّنه من بلد آخر، لكنّ المشكلة ليست في توفير المواد الاستهلاكية، إنما في الأزمة الإجتماعية التي ستستفحل في حال بقيَ الاقفال العام لأكثر من أسبوعين، فكيف سيعيش المواطنون من دون مردود مالي خصوصاً بعد توقف غالبية الأعمال؟