IMLebanon

الأسواق مضطربة في مواكبة جنون الدولار

 

في كل مرة يقفز فيها سعر الدولار مقابل الليرة في السوق السوداء يتهافت المواطنون الى السوبرماركت للتبضّع لاستباق اي زيادة على اسعار السلع المتوقعة بنتيجة ارتفاع الدولار، وهذا ما حصل منذ يومين مع ارتفاع الدولار في مسار تصاعدي سريع من 25 الفا نهاية الاسبوع الماضي ليقارب الـ29 الفا أمس.

 

اشتعلت السوق السوداء منذ ايام، بحيث سجل سعر الدولار مقابل الليرة زيادة في حدود 4000 ليرة في خلال 4 ايام. مصادر متابعة أكدت لـ»الجمهورية» ان هذا الارتفاع الذي سُجّل اعتبارا من نهاية الاسبوع الماضي في السوق السوداء ليس انعكاسا لقرار مصرف لبنان الاخير المتعلق برفع سعر السحب من 3900 الى 8000 ليرة، فمفاعيله لم تبدأ عملانياً بعد، عدا عن ان المصارف لا تزال تفرض قيودا على السحوبات النقدية. صحيح ان تعميم المركزي حدّد سقف السحوبات بـ3000 دولار في الشهر الا ان المصارف لم تلتزم اعطاء 28 مليون ليرة كاش لمودعيها باستثناء كبار المودعين، والواقع ان غالبيتها تسمح بسحب 6 ملايين ليرة شهريا وهذا السقف كان معتمدا حتى قبل التعميم، على ان يتم صرف المبلغ المتبقي من خلال استعمال بطاقة الائتمان. وتؤكد هذه المعطيات ان تعميم مصرف لبنان لم يزد من حجم الكتلة النقدية بالليرة في السوق لتخلق كل هذا الضغط على العملة الوطنية، وبالتالي ان هذا التعميم ليس مسؤولا عن ارتفاع سعر الصرف خصوصاً ان مفاعيله لم تظهر بعد.

 

واعتبرت المصادر ان ارتفاع الدولار في السوق السوداء لا يزال ضمن المنطق طالما السعر لا يزال تحت سقف الـ 32 الفا للدولار، لأنه اذا فرضنا ان العام 2021 شبيه بالعام 2020 من حيث نسبة ارتفاع سعر الدولار، فهذا يعني ان الدولار قد يقفل على سعر 32 الفا، أما اذا اقفل ما دون هذا الرقم فيعد مكسباً، مع العلم انه لدى تقييم العام 2021 اقتصاديا وماليا وسياسيا يتبين انه اسوأ من العام 2020، وبالتالي ان نسبة ارتفاع الدولار هذا العام تعدّ مقبولة.

 

أضافت المصادر: اذا راقبنا سعر الصرف خلال فترة زمنية معينة نلاحظ ان الدولار وصل في منتصف العام او في شهر تموز الى نحو 24 الفا ولدى مقارنته بالسعر الحالي نلاحظ ان الدولار لم يرتفع كثيرا فهو فعليا زاد بمعدل الالف ليرة شهريا، لا بل ما هو غير منطقي على الاطلاق ان ينخفض الدولار مقابل الليرة بنحو 70 % في ظرف اسبوع، الامر الذي حصل ابّان تشكيل الحكومة.

 

الحركة التجارية

 

وفي ظل هذا التقلب الحاد في سعر الصرف، كيف تحرّكت اسعار السلع في السوبرماركت؟ وكم بلغت نسبة الزيادة؟

 

في السياق، أوضح نقيب اصحاب السوبرماركت نبيل فهد لـ»الجمهورية» ان ليس اصحاب السوبرماركات من يغيّرون التسعيرة انما الموردين ونسبة زيادة الاسعار ليست موحدة على كل السلع، فكل منتج يسعّر بطريقة تختلف عن الاخرى وبعضها يرتفع سعره بنسبة اكبر. ولفت الى ان المنتجات المستوردة تسعّر بالدولار ونحن نسعّرها وفق دولار السوق اي 28 الفا، وقد سجل هذا النوع من السلع زيادة بحدود 8 %، مثل الحبوب واللحوم….

 

وردا على سؤال، أكد فهد ان هذه الزيادة في سعر الصرف لم تكن متوقعة، خصوصا ان تعميم مصرف لبنان الاخير خفض سقف السحوبات الى 3000 دولار. وبالتالي، ان الكتلة النقدية لم تزدد ليزيد سعر الصرف، الا اذا كانت هذه الزيادة مرتبطة بعوامل سياسية.

 

ورأى فهد ان خفض سقف السحوبات النقدية وفق التعميم الاخير لمصرف لبنان الى 6 ملايين ليرة ورفع سقف الدفع بواسطة بطاقة الائتمان الى 18 مليارا (لأن مجموع ما يمكن سحبه 3000 دولار وفق دولار 8000 ليرة) سيعرّض القطاع لمصيبة جديدة، بما يعني ان حجم اموالنا المحجوزة في المصارف سيزيد لأن السوبرماركت هو المكان الأمثل لصرف اموال البطاقة، ونحن نعاني اصلا من هذه الأزمة ونفتقر الى السيولة لشراء البضائع ولا نزال ننتظر الحلول.

 

وعن الحركة المتوقعة على ابواب الاعياد، قال فهد: الحركة في السوبرماركت ما عادت ترتبط بالاعياد انما بحركة الدولار.

 

بحصلي

 

من جهته، يقول نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي تعليقا على ارتفاع سعر الصرف وسبل التسعير: «لا شيء يقال، وأحداً لا يعلم ماذا يفعل، لدرجة بات يستحيل اتخاذ اجراء والسير به لساعة من الوقت».

 

وردا على سؤال لـ»الجمهورية»، عما اذا كان تسعير السلع بالدولار ودفعها بالليرة اللبنانية لدى شرائها وفق السعر في السوق السوداء هو من الحلول المطروحة، قال بحصلي: ان التسعير على الدولار حاصل على كل السلع باستثناء المواد الغذائية في السوبرماركت التي لا تزال تسعّر بالليرة اللبنانية، لكن السؤال هل ان التسعير بالدولار سيلجم ارتفاع الدولار في السوق السوداء؟ بالطبع لا. صحيح ان هذه الخطوة اسهل من حيث التسعير الا ان المشكلة في مكان آخر، كل المشاكل التي كانت موجودة منذ عام لا تزال قائمة ولا نزال نعانيها مثل ارتفاع سعر الصرف وعدم القدرة على الاستيراد وعدم امكانية التسعير… الا ان كل هذه المشاكل باتت خلفنا، والسؤال الرئيسي المطروح اليوم الى اين يتجه البلد؟ موضوعنا هو موضوع كيان اكثر من قدرتنا على شراء بضاعة، هل سنتمكن من الاستمرار في تأمين البضائع؟ هل سيكون في مقدور اللبناني الاستمرار بالعيش بـ 20 دولارا في الشهر؟ هذه هي المشكلة الحقيقية اليوم. وللاسف لا خطوات تُتخذ للجم هذا الوضع.