اقفل سعر صرف الدولار امس الاول على مزيد من التراجع مقابل الليرة، حيث وصل الى 6500 ليرة قبل ان يعاود الارتفاع مجدداً امس الى نحو 7500 ليرة، ومن ثم يتراجع الى 7100. فما اسباب هذا التراجع، وهل انّ المساعدات الدولية ستنعكس مزيداً من التحسن في سعر العملة ام هو تلاعب بالعملة كما يحلو للبعض تسميته؟
بعد ثبات سعر صرف الليرة لحوالى الشهر على ما بين 7300 الى 7700 ليرة مقابل الدولار، وبينما كان يُتوقع ان ينعكس انفجار المرفأ المزيد من التدهور في سعر العملة الوطنية، لوحظ أخيراً تحسّن في سعر الليرة الذي وصل الى 6500 ليرة.
وعزا مصدر مطلع لـ«الجمهورية» اسباب تحسّن سعر الصرف الى عوامل عدة برزت في مرحلة ما بعد انفجار بيروت، وأهمها:
– اقفال مرفأ بيروت، والذي ادّى الى تراجع طلب التجار على الدولار نتيجة توقف الاستيراد. ورغم انّ حركة المرفأ بدأت تستعيد نشاطها ولو جزئياً، الّا انّ كل شركات الشحن تضرّرت وغالبيتها لم يعاود عمله بعد.
– تعرّض غالبية التجار، المستوردين خصوصاً، لخسارة كبيرة جراء الانفجار، وبالتالي استعادة نشاطهم وعملهم قد تتطلب مزيداً من الوقت.
– برز بعد انفجار المرفأ مناخ سياسي ايجابي تمثل خصوصاً في فك المجتمع الدولي حصاره عن لبنان وتسابق الدول على ارسال الاموال والمساعدات الينا ما أراح السوق نسبياً.
– تعميم المصرف المركزي الصادر بتاريخ 6 آب، والذي سمح بموجبه لشركات التحويل المالية بتسليم التحاويل الآتية من الخارج نقداً وبالدولار، وقد سدّدت هذه الشركات خلال 4 ايام فقط عشرات ملايين الدولارات نقداً.
– اعادة فتح المطار مع ما يمثل ذلك من اعادة تدفق للاموال النقدية الى لبنان من قِبل المغتربين الى ذويهم.
– القيود التي تفرضها المصارف على كمية السحب بالعملة اللبنانية شهرياً حدّت من كمية الليرات اللبنانية المتداولة في السوق.
ورداً على سؤال عن الحدّ الذي يمكن ان يبلغه سعر صرف الليرة اذا استمر في التحسن، قال المصدر: «لا يمكن تقدير قيمة العملة الوطنية لأنّها ترتبط بالمناخ العام والاستقرار الامني والسياسي في البلاد، لكن لو مهما تحسنت فلا يمكن ان تصل قيمتها الحقيقية الى 3900 ليرة، اي السعر الرسمي المعمول به اليوم لدى الصرافين، او عبر المنصة الالكترونية sayrafa، ما يعني انّ المركزي لا يزال يدعم العملة، مرجحاً ان تكون قيمتها الفعلية ما بين 4500 و 5000 ليرة لبنانية».
أما عن امكانية استمرار المركزي بدعم العملة على سعر 3900 ليرة وبيعها للصرافين لتأمين حوالات للعملاء الى الخارج (مثل راتب عاملات المنزل، اقساط الطلاب في الخارج)، كشف المصدر، انّ المركزي ما عاد يضخ اموالاً في سوق الصيرفة كما في السابق، اي عند اصداره قراراً بتأمين الدولار من احتياطه لتلبية حاجة الصرافين، حينها كان يضخ مبالغ كبيرة، أما أخيراً، فقد حدّد كوتا واحدة لكل الصرافين بقيمة 30 الف دولار، لا بل توقع المصدر ان يتوقف العمل بهذا التعميم قريباً.
تسييل الشيكات
الى ذلك، زاد الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت الاسبوع الماضي من حدّة الأزمة المالية الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد، مما زاد خوف اللبنانيين على مدخراتهم نتيجة ارتفاع نسبة المخاطر في البلاد، فنشطت حركة تسييل الشيكات الى عملات حقيقية بمسعى من المواطنين لحماية مدخراتهم من جهة او للحصول على الدولار الحقيقي لتغطية تكاليف التصليحات بعد الانفجار، خصوصاً انّ غالبية التجار تطلب الدولار النقدي.
وفي هذا السياق، أضاءت «بلومبرغ» في تقرير نشرته هذا الأسبوع تحت عنوان «بقي القليل من الملاذات النقدية للبنانيين مع تذبذب الاقتصاد»، عن ارتفاع العمولة التي يتقاضاها بعض السماسرة مقابل تسييل الشيك المصرفي الى دولار حقيقي. وفي السياق، اشارت الى، انّه وقبل ايام قليلة من انفجار الأسبوع الماضي الذي وقع في مرفأ بيروت، باعت إحدى السيدات شيكًا بقيمة 5000 دولار في صرافها في بيروت بنصف قيمتها الاسمية، لقاء الحصول على سندات دولارية فعلية. بينما اذا حاولت اليوم، اي بعد الانفجار، فإنّها ستحصل على أقل من ذلك، مع إصرار بعض التجار على خصم يصل إلى 65%.
ويكشف مصدر مطلع لـ«الجمهورية»، انّه عندما اندلعت الأزمة، أي في تشرين الأول من العام الماضي، كانت العمولة على الشيكات مقابل تسييلها الى دولارات حقيقية محدّدة بنحو 25%، وقد ارتفعت العمولة الى 50% اعتباراً من شهر أيار، أي عندما بدأ سعر الدولار بالارتفاع، خصوصاً انّه قارب في احدى المرات الـ10 آلاف ليرة، أما الآن، أي بعد الانفجار في مرفأ بيروت زادت العمولة الى 65%.
ولفت المصدر، الى انّ ارتفاع العمولة مرتبط بشكل وثيق بنسبة المخاطر، بحيث كلما ارتفعت كلما زادت نسبة العمولة.