IMLebanon

الدولار امام مسار تصاعدي لستة اشهر

 

عاد سعر الدولار حديث الساعة، بعدما سجّل ارتفاعات متسارعة أمس. فبعدما كان في حدود 17500 ليرة امس الاول، سجّل ارتفاعاً جديداً أمس وصل الى 18750 ليرة. هذا الارتفاع ليس مستغرباً لا بل كان متوقعاً، وأتى ليؤكّد انّ انخفاضه خلال فترة تشكيل الحكومة الى حوالى 13 الفاً كان مصطنعاً ومؤقتاً. فهل سيراوح مكانه في الفترة المقبلة، ام انّ سقف الارتفاع سيكون مفتوحاً رغم تشكيل الحكومة؟

 

قبيل تشكيل الحكومة وإبّان الاعلان عنها، سار سعر صرف الدولار مقابل الليرة في مسار هبوطي، تراجع على إثره حوالى 6000 ليرة، من نحو 19 الفاً الى 13 الفاً في خلال ايام. فسارع الناس الى التخلّص من دولاراتهم خوفاً من خسارة قيمة مدخراتهم، بما ساهم في خفض سعر الدولار.

 

في تلك الفترة جمع الصرافون الدولارات لكنهم لم يبيعوها، الّا انّ هذا التحسّن في سعر الليرة ما لبث أن عاد أدراجه تباعاً ليسجّل سعر الدولار مطلع الاسبوع حوالى 17 الفاً، ووصل امس الى 18750 ليرة، ليدحض ما كان يُسوّق له سابقاً، انّ ارتفاع السعر يعود لأسباب سياسية، خصوصاً غياب الحكومة، وليفرض معادلة جديدة تؤكّد انّ سعر الدولار ليس سياسياً فحسب، بل انّ عوامل السوق، اي العوامل الاقتصادية والمالية والنفسية، تتحكّم بوضع الليرة. فكيف يمكن تفسير تحرك الدولار خلال الفترة الماضية، وما العوامل التي قد تحرّكه في الفترة المقبلة؟

 

يعيد المستشار المالي ميشال قزح عودة ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة الى عوامل عدة منها:

 

– لدى تشكيل الحكومة لعب العامل النفسي دوراً في تطمين الناس، فلجأوا الى بيع دولاراتهم خوفاً من الّا يعود الى السقوف المرتفعة التي تسجّلت آنذاك، متخطية الـ20 الفاً، وفي تلك الفترة لمّ الصيارفة الدولارات من السوق وباعوها لمصرف لبنان وأعطوا مقابلها الليرة الى اللبنانيين. اليوم وبعد مرور حوالى الشهر على تشكيل الحكومة، لم تتخذ أي خطوات ملموسة تريح المواطنين وتعيد عامل الثقة المفقود. فمن باع الدولار يومها عاد يطلبه اليوم، لأنّ الليرة التي احتفظ بها يومها لا تزال من دون قيمة.

 

-انّ تحرير سعر المازوت وبيعه بالدولار الفريش دفع بالتجار وأصحاب المولّدات نحو السوق الموازي لتأمين الدولار، ما زاد الطلب عليه وساهم برفع سعره.

 

– صحيح انّ المازوت الإيراني الذي يدخل الى لبنان يُباع في السوق بالليرة، الّا انّ «حزب الله» يدفع ثمنه بالدولار، وبالتالي هو مرغم على التوجّه الى السوق الموازي لبيع الليرة التي في حوزته والاستحصال على الدولار وتحويلها لإيران لشراء المازوت مجدداً. وحتى لو قيل انّ المردود بالليرة يستعمله الحزب كرواتب لعناصره النتيجة نفسها، لأنّ هذه الاموال تُستعمل للاستهلاك وتؤمّن في نهاية المطاف لشراء الدولار.

 

ولفت قزح لـ«الجمهورية»، الى انّ الغاية الاولى من ارتفاع سعر الدولار مقابل العملة، اي عملة، هي لتخفيف الاستهلاك والحدّ من الاستيراد. وهذا ما يسعى لبنان لتنظيمة، من خلال تفاهمه مع صندوق النقد الدولي، أي خلق توازن في ميزان المدفوعات للحدّ من انهيار سعر الصرف، وذلك من خلال تحديد الاسباب التي يسمح فيها بخروج العملات الصعبة من البلد، وهذا ما كان يجب تنظيمه بقانون الكابيتال الكونترول. واشار الى انّ الشرط الاول الذي سيطرحه صندوق النقد هو وقف الدعم، لأنّه بمثابة استمرار للهدر في العملات الصعبة، يليه توحيد سعر الصرف. ولدى اعتماد هاتين الخطوتين يبدأ سعر الصرف بالاستقرار.

 

أما عند إقرار الكابيتال كونترول فستصبح الضوابط أكبر، بحيث يمنع عندها إخراج اي فلس من البلد سوى لأسباب محدّدة مثل شراء المحروقات والادوية والمواد الغذائية والمواد الاولية غير المتوفرة في لبنان. اما استيراد سيارات فخمة او ساعات وعلامات تجارية فاخرة، فسيُخضعها لرسوم جمركية تتراوح ما بين 500% و 1000%. كما يجب تأمين حماية على الانتاج المحلي وفرض رسوم عالية على كل ما يشكّل استيراده منافسة للصناعات المحلية.

 

سقوف الدولار

وعن السعر المتوقع للدولار مقابل الليرة في الفترة المقبلة، يؤكّد قزح انّ الدولار يتجّه صعوداً، مشدداً على انّه في حال لم يُسترجع عامل الثقة بالليرة والاقتصاد فلا يمكن ترقّب اي تحسّن على هذا الصعيد. واعتبر انّ الوضع سيبقى على ما هو عليه، والدولار سيواصل صعوده اقلّه حتى إجراء الانتخابات، اي ليس قبل 6 اشهر، بحيث من المتوقع ان يتمّ خلال شهر شباط المقبل ضخ اموال في السوق لزوم الانتخابات (مساعدات، حملات انتخابية …) عندها سيُجمّد سعر الدولار.

 

أما في شهر آذار فستحلّ الانتخابات، ووفق الجهة الرابحة يمكن استخلاص في اي مسار يتجّه البلد. فإذا ربح المحور الايراني تتجّه الامور نحو الأسوأ، اما اذا تمكنت الانتخابات من تحقيق تغيير ما، استُكمل ببرنامج مع صندوق النقد، فسيُترجم في السوق، بالبدء باستعادة الثقة بالليرة وباعتماد خطوات اصلاحية على رأسها حلّ ازمة الكهرباء.

 

وقال: «صحيح انّ الدولة اعلنت انّها بدأت بالتواصل مع صندوق النقد، لكنها تحتاج على الاقل الى ثلاثة اشهر قبل البدء فعلياً بالتفاوض، ومشكلة حكومة ميقاتي انّها لا تملك الوقت، ورئيسها لا يملك عصا سحرية وهو يحتاج الى وقت لا يملكه».