هدأت السوق السوداء، وتراجعت أسعار الدولار لدى الصيارفة أمس، بعد تدخّل ناجح من نقابتهم. لكنّ المشكلة تبقى قائمة بسبب تعذّر معالجة الأسباب، وأهمها عدم توفر السيولة الكافية، واستمرار تراجع العرض وتنامي الطلب.
بدأت سوق الصيرفة أمس استعادة هدوئها بعد تفعيل نقابة الصيارفة اتصالاتها لكبح جموح فلتان سعر صرف الليرة مقابل الدولار، والذي وصل في اليومين الماضيين الى 1560 ليرة. وقد عقدت النقابة اجتماعاً أمس لتدارك الموضوع واتخاذ الخطوات اللازمة منعاً لتوسّع السوق السوداء لمبيع الدولار، وإلحاق الضرر بمصالح الصيارفة والمستهلكين على حدّ سواء.
تراجع أمس سعر مبيع الدولار في سوق الصيرفة الى 1535 ليرة علماً انه ما زال أعلى بكثير من السعر الرسمي المحدّد لمبيع الدولار بين 1505 و1516 ليرة، في حين قال أحد الصيارفة لـ«الجمهورية» إنّ سعر شراء الدولار يتراوح بين 1525 و 1530 ليرة.
وفي حين أكد انّ الهامش الذي يتمتّع به الصيرفي لسعر صرف الليرة مقابل الدولار لا يزيد بنسبة كبيرة عن السعر الرسمي لسوق بيروت، إلّا انّ الواقع يشير الى أنه لا يوجد أيُّ قانون صادر عن مصرف لبنان يحدّد سقفاً لسعر صرف الليرة في سوق الصيرفة في ظلّ نظام الاقتصاد الحرّ الذي يتمتع به لبنان، كما ولا يمكن للجنة الرقابة على المصارف التي تملك سلطة الوصاية على عمل الصيارفة، أن تمنع الصيارفة من تحديد السعر المناسب لهم، بل مسؤوليّتها فقط رقابة أيّ تلاعب وأيّ عمليات بيع أو شراء وهمية. وبالتالي، فإنّ العرض والطلب هما العاملان الأساسيان الوحيدان لتحديد السعر في سوق الصيرفة، ولا أحد يمكن أن يمنع أيَّ صيرفي يملك الدولار، من بيعه بالسعر الذي يحدّده.
في هذا الاطار، أكد أحد المصرفيين لـ«الجمهورية» أنه لا يمكن وضعُ حدّ لارتفاع سعر صرف الليرة في سوق الصيرفة سوى عبر تدخّل مصرف لبنان عارضاً الدولار في السوق بالسعر الرسمي المحدَّد بـ 1507 تلبيةً لحجم الطلب، «لأنّ وجود منافسة من قبل البنك المركزي هو العامل الوحيد الذي سيمنع الصيارفة من تحديد سعر الصرف الذي يناسبهم».
واعتبر أنّ عدم تدخّل مصرف لبنان لغاية اليوم لكبح ارتفاع الأسعار يشير الى احتمال عدم قدرته على تلبية الحركة وعلى التدخّل في السوق بسبب افتقاره للعملة الأجنبية، ما يعني أنّ السعر الرسمي المحدَّد بـ1507 ليرات بات سعراً وهمياً وغير واقعي. متخوِّفاً من أن «نكون قد وصلنا الى مرحلةٍ لا يستطيع فيها مصرف لبنان أن يلبّي الطلب على الدولار».
في المقابل، شدّد المصدر المصرفي على أنّ مصرف لبنان يملك احتياطياً يبلغ نحو 30 مليار دولار، لكنّ هذا الاحتياطي يُستخدم من اجل:
- تلبية الميزان التجاري.
- تغطية عجز ميزان المدفوعات.
- تمويل استحقاقات الدولة بالعملة الأجنبية.
- التدخّل في سوق القطع من أجل المحافظة على استقرار سعر الليرة.
بالاضافة الى ذلك، يتكبّد البنك المركزي خسائر كبيرة في الآونة الاخيرة من اجل استقطاب الدولارات من الخارج، ما يضعه في موقف لا يستطيع فيه بعد الآن تبذير احتياطه من العملات الأجنبية.