IMLebanon

جريمة موصوفة متمادية

 

ما تشهده الساحة المالية، يومياً في لبنان، هو أبعد ما يكون عن حركة تلقائية في سوق القطع وفي إطار الصرافة… إنه، ببساطة مطلقة، جريمة موصوفة من أبشع الجرائم المرتَكَبة في حق هذا الوطن وشعبه الذي يتقلّب على جمر المعاناة والظلم والقهر، يومياً، منذ سنوات طويلة، خصوصاً في هذه الحِقبة السوداء من تاريخه…

 

هل يُعقل أن تقف السلطة تتفرّج على الارتفاع الصاروخي في سعر الدولار إزاء الهبوط المروّع في سعر صرف الليرة، إلى درجة إفقاد العملة الوطنية قيمتها ودورها الطبيعي، إن في قيمة المداخيل من مرتّبات وأجور وتعويضات… أو بالنسبة إلى قوتها الشرائية التي تضمحلُّ ساعة بعد ساعة! ونحن لن نضع الأقنعة، ولن نلبس القفّازات، بل سنخلعها، ونخلع معها كل التحفظ لنقول لهؤلاء المسؤولين عن الانهيار والآلام والدموع، من صغيرهم إلى كبيرهم، وبالعكس: عار وشنار عليكم، وطبعاً حرام عليكم، أن تتركوا هذا الفَلَتان المتمادي المؤدي إلى تلاشي الليرة اللبنانية التي كانت ذات زمن، غير بعيد، توازي وتنافس العملات الصعبة في العالم، أي الدولار الأميركي والجنيه البريطاني والين الياباني، وكان تداولها يُجرى من دون أي تحفّظ في أهم عواصم العالم، وفي مصارفه الكبرى كلها…

 

ألا تدركون أنكم تجوّعون الناس أكثر ممّا هم جائعون، وتشجعون على ما نُسمّيه بِـ «الجريمة القسرية» التي يندفع إليها جائعٌ باحث عن لقمةٍ لا تتوافر له، ومريض يبتغي جرعة دواء غير موجودة إلخ… ألا تشعرون بحال الناس؟ إلا تحسّون بالبؤس يغرقهم في لجّة الكفر؟ ألا تعاينون باب الهجرة العريض الذي يفتح شدقيه ليعبروه أفواجاً أفواجاً؟

 

من أي صخورٍ قُدّتْ قلوبكم؟

 

نعرفُ أن البلد الصغير المعذب يواجه أقسى الظروف وأصعبها،  ونعرف، في المقابل، أن المتربّصين به شروراً، وليس شرّاً واحداً، هم من داخل ومن خارج، ولكننا نعرف أولاً وآِخراً أن حق الناس عليكم أن تخففوا من أحمالهم الثقيلة لا أن تزيدوها عليهم!