طبّقت الدولة اللبنانية قرارها بدولرة الأسعار على عمليات البيع والشراء في السوبرماركات، التي بدأت بدورها التسعير بالعملة الخضراء اعتباراً من أمس، أي 1 آذار الجاري.
السوبرماركات في الشمال بدورها نقلت أسعارها إلى الدولار الأميركي. نتحدّث هنا عن السوبرماركات الكبيرة ذات الإسم والصيت، تلك الموجودة في طرابلس والكورة ومناطق شمالية أخرى، لكنها لم ترفع بعد اللوحات المخصّصة لتحديد سعر الصرف الذي سيدفع المواطن على أساسه. غير أنّ المحلات الموجودة في المناطق الشعبية والقرى النائية لم تدخل عصر الدولرة بعد، أو لم تصل إليها تلك الخطة الذكية التي قال عنها المعنيون في الدولة إنّها «إجراءٌ سيضمن حقوق المواطن من تلاعب التجّار والدولار».
وقبل أن يُعرف الخيط الأبيض من الخيط الأسود في مسألة أين تكمن مصلحة المواطن في الدولرة أو في لبننة الأسعار، شكّل انطلاق عملية الدولرة في السوبرماركات أمس تطوراً لدى عائلات شمالية عدّة، استحقّ منها المتابعة، فزارت محلات السوبرماركت المشهورة في طرابلس والكورة وحلبا التي طبّقت الدولرة بالتسعير، وصرفت مبالغ على البنزين من دون مبالاة، ليس بالضرورة من أجل التبضّع، إنما للهفتِهم بالدرجة الأولى الى لإطلاع على الأسعار بالدولار ومقارنتها مع السابق، بعدما اعتقدت أن الدولرة ستؤدي إلى انخفاض أسعار بعض السلع إذا ما احتُسبت على الليرة اللبنانية.
صحيحٌ أن المواطن لا يزال في إمكانه الدفع بالليرة اللبنانية كما بالدولار الأميركي في السوبرماركت؛ إلا أن بعض المواطنين الذين عاينوا الأسعار الجديدة المُدولرة أشاروا لـ «نداء الوطن» إلى وجود زيادة ملحوظة على أسعار السلع الغذائية وغير الغذائية، مقارنة حتّى مع آخر يوم قبل الدولرة.
رامي حيدر أستاذ في التعليم الثانوي الرسمي، استغرب سرعة الدولة وقدرتها على دولرة كل شيء سيدفعه المواطن ما عدا دولرة معاشات الموظفين في القطاع العام. وقال لـ»نداء الوطن»: «بدأنا منذ أسابيع عدّة إضراباً عن التعليم لنطالب الدولة بدولرة معاشاتنا أو جزء منها؛ أسوة بغيرنا من موظفي القطاع الخاص، حتى نتمكّن من الإستمرار في بلدٍ بات فيه كلّ شيء، من القسط المدرسي لأولادنا؛ إلى تنكة البنزين؛ وصولًا حتى العلكة بالدولار».
بالمقابل، رأت السيدة هدى عمر أنّ سكان القرى في عكّار والكورة والضنية صاروا يفضّلون أن يشتروا من محلات القرى القريبة من منازلهم عوض التوجّه إلى مناطق أبعد في أميون وطرابلس وغيرهما، ذلك أنّ أسعار البنزين صارت لوحدها «بتكسر الضهر»، وشكت من «أنّ المحلات في القرى لا تعتمد أي نوع من الدولرة ولا ترفع الملصقات بالأسعار من أساسها، وهناك دائماً فارق كبير بالتسعير بينها وبين المحلات الكبرى المشهورة، إذ لا ضوابط أو مراقبة تتحكّم بعمل هذه المحلات».
الا أنّ مصدراً في مصلحة حماية المستهلك في الشمال أكّد لـ»نداء الوطن» أنّ «على جميع المحلات التي تتعاطى بيع المواد والمنتجات الغذائية والمواد التي خضعت للدولرة تطبيق قرار وزارة الإقتصاد، ومن جهتنا سنراقب الأسعار في الأيام المقبلة للتأكّد من اعتماد التسعيرة بالدولار».
واعترف المصدر باستحالة مراقبة الأسعار في كل المحلات المنتشرة في المناطق «لأنّ عدد الموظفين في المصلحة المولجين بهذا الأمر قليل، وثمّة محلات في القرى النائية تعمل في الأصل من دون ترخيص أو تسجيل رسمي، ولكن جلّ ما نستطيع القيام به هو أن نطلب من المواطنين الذين يشعرون بأي تلاعب لدى أي تاجر أو صاحب محل، الإتصال على خط الشكاوى الساخن الذي وضعته الوزارة لهذه الغاية».
وإلى الدولرة أضيفت أيضاً مسألة رفع الدولار الجمركي من 15 ألف ليرة إلى 45 ألف ليرة لبنانية، ما ضاعف من مخاوف المواطنين من إرتفاع إضافي في الأسعار، لا سيّما وأنّ أي قرار يصدر في لبنان لا يتحمّل تبعاته إلا المواطن.
من جهته، أكّد الخبير المالي والإقتصادي العكّاري الدكتور عبد القادر أسعد أنّ رفع الدولار الجمركي «سيؤثّر بشكل مباشر على السلع المستوردة وغير المدعومة، خصوصاً منها الإلكترونيات والكماليات وستكون الزيادة بين العشرين والثلاثين في المئة». وأوضح أنّ «هذه الزيادة لن تطال بشكل محدود وغير مباشر السلع والمواد الغذائية، التي تباع في السوبرماركت لأنها مدولرة في الأصل».