حركة إتصالات محلية ودولية لدفع عملية إنتخاب الرئيس قُدماً إلى الأمام
محاولة للإستفادة من التقارب الأميركي الروسي بشأن سوريا للمساعدة في حل أزمة الإستحقاق الرئاسي
إرساء هدنة في الحرب الدائرة في سوريا لأول مرّة منذ سنوات قد يُفسح في المجال أمام تقارب لإعطاء إهتمام أكبر للوضع اللبناني
تكشف مصادر سياسية بارزة أن الاتصالات والتحركات الداخلية والخارجية لانتخاب رئيس للجمهورية تأخذ منحى متسارعاً باتجاه تحقيق هذا الهدف وهناك محاولات جدّية لتخطي الصعوبات القائمة ولإقناع معظم الأطراف المؤثرين بضرورة تجاوز خلافاتهم وحساسياتهم السياسية ومصالحهم في سبيل انتخاب رئيس في أقرب فرصة لأن استمرار الفراغ الرئاسي الناجم عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لن يؤدي فقط إلى تراجع أداء المؤسسات الدستورية والإدارات العامة وتآكل صدقية وهيبة الدولة ككل، بل يُخشى معه إذا استمرت الأمور على هذا المنحى لوقت أطول إلى انهيار في بنية الدولة ومن ثمّ إنهيار الوضع الأمني في وقت لاحق في ظل تفاعل الخلافات السياسية القائمة وتصاعد حدة الحملات السياسية الإعلامية ورفع سقف المواقف الحادّة والتهجمية من جهة واستمرار تفاعل الأزمة السورية وانعكاساتها السلبية على الوضع الداخلي اللبناني.
وتشير هذه المصادر إلى أن تحريك مسألة الانتخابات الرئاسية لم يقتصر على المبادرة التي أطلقها الرئيس سعد الحريري منذ أشهر معدودة لترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية وهو أحد أعضاء تجمّع الثامن من آذار لإخراج هذا الاستحقاق المهم من دائرة الجمود القسري ودوامة الخلافات والأنانيات الشخصية للزعامات المسيحية بعدما فشل كل من النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في الاستحواذ على العدد الكافي من أصوات النواب للفوز بمنصب الرئاسة الأولى، وإنما أدّت عودة زعيم «تيار المستقبل» إلى بيروت واطالة أمد وجوده فيها إلى إطلاق حركة اتصالات سياسية مكثفة ومتواصلة أجراها مع زعماء وممثلي أكثرية الأحزاب والكتل السياسية الفاعلة في مقابل قيامه بحركة اتصالات موازية مع سفراء الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والكرسي الرسولي والمملكة العربية السعودية لأجل وضع مسألة الانتخابات الرئاسية في صدارة اهتمامات دولهم واعطائها قوة دفع جديدة ظهرت أولى نتائجها في رفع عدد النواب الذين حضروا جلسة انتخاب الرئيس السابقة إلى رقم قياسي قريب من عدد النواب المطلوب لتحقيق النصاب الدستوري لجلسة الانتخاب وهو لم تبلغه في أي جلسة انتخاب سابقة، الأمر الذي اعتبره بعض المراقبين السياسيين بأنه مؤشر استباقي إيجابي يمهد للجلسة المطلوبة لانتخاب الرئيس ويمكن ان يودي إلى تقصير عمر الأزمة السياسية التي يتخبّط فيها لبنان منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان قبل ما يقارب السنتين.
وفي اعتقاد هذه المصادر ان زيادة وتيرة التحركات السياسية المحلية بموازاة تسريع وتيرة الاتصالات مع السفراء المذكورين والتي تتزامن هذه المرة مع تحقيق التفاهم الأميركي الروسي حول إرساء هدنة في الحرب الدائرة بسوريا لأول مرّة منذ سنوات، وتسريع خطى وتيرة الحل السياسي، قد يفسح في المجال امام إمكانية تحقيق تقارب في الرؤى بين الدولتين المذكورتين لإعطاء اهتمام أكبر للوضع اللبناني قياساً عمّا قبل وتوظيف صداقات وتحالفات كل منهما لحل مسألة الانتخابات الرئاسية بأقرب وقت ممكن ومساعدة الأطراف اللبنانيين لحل الأزمة السياسية التي يتخبّط بها لبنان.
وتُشير المصادر السياسية إلى ان فحوى اللقاءات والاتصالات الجارية بين الأطراف السياسيين بالداخل وممثلي الدول الخارجية المؤثرة بالوضع اللبناني والإقليمي على حدٍ سواء، تركز على ما بلغته الأزمة السياسية من خطورة جرّاء الفراغ بمنصب رئاسة الجمهورية والخشية من ترك الأمور على مصراعيها لمدة اطول وتأثيرها على منصب الرئاسة الأولى وهو المنصب الوحيد الذي يشغله مسيحي في جميع دول الشرق الأوسط ولا بدّ من العمل بجدية لإنهاء الفراغ بهذا المنصب والاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية لقطع الطريق على الذين يعطلون هذه الانتخابات، لغايات ومصالح شخصية أو لحسابات إقليمية كما يفعل «حزب الله» مثلاً، لئلا يعتاد اللبنانيون على عدم وجود رئيس للجمهورية في لبنان على المدى الطويل أو لأجل منع بعض الأطراف الذين يسعون لإلغاء منصب الرئاسة الأولى من حصة المسيحيين والمطالبة بنقلها إلى حصة المسلمين استناداً إلى التبدل الديمغرافي المتغير والذي لم يعد لصالح المسيحيين لتبوؤ هذا المنصب أو لفرض هذا الوضع بقوة الأمر الواقع.
وتخلص المصادر السياسية إلى ان هناك رغبة لدى معظم الاطراف المحليين بانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن من خلال المبادرة المطروحة بتأييد ترشيح النائب سليمان فرنجية حالياً بالرغم من المواقف الرافضة لكل من عون وجعجع بهذا الخصوص واستمرار «حزب الله» بمنع نوابه ونواب حلفائه من حضور جلسات انتخاب رئيس للجمهورية حتى اليوم لأنه لا يمكن لكل هؤلاء الأطراف المعارضين لانتخاب الرئيس كل حسب رؤيته ومصالحه وتطلعاته إلى ما لا نهاية بالتزامن مع حصول تبدلات في المواقف الإقليمية والدولية من مسار الأزمة السورية، في حين أن سفراء الدول الكبرى والفاعلة المعنية أبدوا استعداداً للمساعدة في إعطاء دفع لانتخابات الرئاسة حرصاً منهم على إنهاء الأزمة السياسية التي يتخبّط فيها لبنان منذ مُـدّة من جهة وإلى المحافظة على موقع الرئاسة للمسيحيين نظراً لتأثيره الإيجابي في تعزيز الوجود المسيحي في لبنان والمنطقة على حدٍّ سواء من جهة ثانية، وقد يؤدي هذا التحرّك إلى نتائج مرتقبة في وقت ليس ببعيد.