IMLebanon

“حياتهن بخطر”… نسبة العنف ضد المرأة ترتفع إلى 100%

 

يفترض بالدولة الحريصة على سلامة مواطنيها أن تتخذ كل الإجراءات اللازمة لحمايتهم والحفاظ على صحتهم الجسدية والنفسية. وبالتالي كان يفترض بالحكومة ألا تكتفي بخيار الحجر الصحي كإجراء وقائي من انتشار كورونا، وأن تتخذ مزيداً من الإجراءات التي تؤمن لمواطنيها الحد الأدنى من المتطلبات المعيشية والدعم النفسي، والاجراءات الأمنية. كي لا يتحوّل الحجر إلى سجن يجمع المعنف بمعنّفه.

 

وبرزت أخيراً مؤشرات تنبّه إلى ازدياد حالات العنف الأسري، نتيجة الحجر الصحّي والأزمة الاقتصادية التي يعاني منهما اللبنانيون وتداعياتهما النفسية. وهنا تشير مديرة “أبعاد” لـ”ندء الوطن” إلى دور وزارة الصحة بعدم الاكتفاء بالإجراءات الطبية، بل “بالنظر إلى العنف كإشكالية تتعلق بالصحة العامة، فهناك أرواح مهدورة”.

 

يؤكد مصدر أمني لـ”نداء الوطن” أن حالات العنف المنزلي الممارس ضد النساء والمبلغ عنها قد ارتفعت بنسبة 100% مقارنة بين آذار من العام 2019 وآذار 2020. إذ ارتفع العدد من 44 حالة مبلغ عنها إلى 88 حالة. لكن أرقام آذار وحدها غير كافية للمقارنة، فقرار التعبئة العامة اتخذ في الـ 15 منه، بالتالي علينا أن ننتظر الحالات التي ستسجل في نيسان أيضاً. كما أن الأرقام المسجلة في شباط من العامين ذاتهما، أي قبل بدء الحجر الصحي، تظهر ارتفاعاً في عدد الحالات من 50 في العام 2019 إلى 93 حالة سجلت هذا العام. ويرجع المصدر الأمني السبب في ارتفاع الارقام إلى تردي الأوضاع الإقتصادية. وينذر الواقع بارتفاع عدد الحالات التي سيبلّغ عنها في المقبل من الأيام، جراء تراكم أيام الحجر وتأثيرها على الصحة النفسية للأفراد وترافقها مع مزيد من تردي الأوضاع الإقتصادية.

 

وفي حين لا يمكن تقدير العدد الحقيقي لحالات العنف الواقعة بسبب خوف النساء من التبليغ، وغياب آلية لإحصائها، تكشف عناني لـ”نداء الوطن” أن “أبعاد” وفي مقارنة بين شهريّ شباط وآذار الماضيين، قد لاحظت ارتفاعاً بنسبة 20% في عدد النساء اللواتي لجأن إلى المؤسسة لطلب المساعدة والإيواء. وتراوح أسبوعياً بين 6 و8 عدد اللواتي لجأن إلى دار الحماية هرباً من العنف في منازلهن. وتلفت عناني إلى أن هناك أطفالاً أيضاً مسجونون مع معنفيهم ولا يملكون وسيلة للإفصاح عما يجري، “كذلك هو حال المسنين والمعوّقين ومن الصعب أن يصل صوت هذه الفئات”.

 

وفيما يرجّح أن يزداد العنف، تشير عناني إلى أنّ الحجر سيفرض مزيداً من المعوّقات التي ستمنع المرأة من التبليغ. إذ ستحجر المرأة لفترات طويلة مع المعنّف، “وبإمكانه السيطرة على هاتفها ومنعها من التبليغ. وقد ترى بأن التبليغ ليس أولوية في ظروف كهذه، كما ستواجه صعوبة في التنقل في ظل التعبئة العامة وأوضاعها المالية الصعبة”، وفق عناني.

 

وبينما يؤكد المصدر الأمني متابعة كل حالة بجديّة، وتخصيص الرقم 1745 للتبليغ، لا تبدو هذه الاجراءات كافية. وتطرح الإشكالية: من سيحمي المرأة عند عودتها إلى منزل معنفها بعد التبليغ عنه؟ ما قد يعرضها لغضب أكبر. هذه الإشكالية تدفع لمناشدة الدولة باتخاذ إجراءات أكثر عملية. لذلك تناشد مديرة المنظمة الدولة اتخاذ خطوات جدية لتأمين كل ما يخفف الأزمة المعيشية، “وإلاّ فإننا متجهون نحو مشهدية عواقبها وخيمة على الصحة النفسية وتؤدي لسلوك عنيف من الفرد تجاه نفسه وغيره. فأنا أتخوّف من أن يعيدنا هذا الظرف إلى أشكال من العنف كنا قد تخلصنا منها”.

 

إجراءات أخرى تطالب بها عناني، وتدعو الحكومة إلى تأمين خط مجاني للنساء، لا للتبليغ وحسب وإنما للإرشاد وتقديم حزمة خدمات. “وعلى الدولة دعم مراكز الإيواء، واستحداث مراكز جديدة لأن القدرة الاستيعابية للمراكز الموجودة غير كافية في حال طالت الأزمة. وعلى الدولة دعم الخدمة الصحية، ككلفة الطب الشرعي والنفسي. فالدولة لا تؤمن حتى العلاج الذي تحتاجه المغتصبات بعد تعرضهن للإغتصاب، كالحبوب التي تقي من الحمل والأمراض الزهرية التي تهدد حياتهن. الحد الأدنى في هذه المرحلة إعفاء الناجيات والضحايا من كلفة الخدمات الطبية”.

 

وعن التنسيق بين وزارة الصحة ومنظمة “أبعاد” تشير مديرتها إلى تواصل حصل مع الوزارة سابقاً ومحاولة تشبيك توقفت بعد تشكيل الحكومة الجديدة. وفي هذا الوقت تعمل “أبعاد” على دعم وإدارة الحالة عن بعد عبر إرشاد هاتفي للنساء في حالات الطوارئ، كما تستقبل بعض النساء في دور الحماية ذات القدرة الاستيعابية المحدودة. وفي الوقت الذي تعيش فيه الأسر فترات عصيبة، تعوّل عناني على القيم الأسرية وتضامن أفراد الأسر ووعيهم للمحافظة على سلامة العائلة ووحدتها.