IMLebanon

الحروب السخيفة وغير السخيفة

 

قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الحروب “السخيفة ” وتسليم تركيا التصرف في الشمال السوري سيضع العنصر الأرضي الأساسي في التخلف الدولي لمكافحة “داعش” في وضع حرج.

 

كانت “قوات سوريا الديموقراطية”، بمكونها الكردي الأساسي عنصراً حاسماً منذ عام 2014 في مواجهة التنظيم الإرهابي، فهي التي خاضت المعارك الحاسمة ضده في الساحات الشاسعة شرقي الفرات، بينما اقتصر الدعم الأميركي على غارات الطيران وتقديم العتاد والأسلحة والدعم السياسي، ومع قرار ترامب بالانسحاب ومباشرته فور انتهاء مكالمته مع الرئيس التركي رجب اردوغان السبت الماضي، يفقد الأكراد غطاء عولوا عليه طويلاً، بوصفه ضمانة في وجه التهديد التركي المباشر وعنصر قوة في المفاوضات النهائية التي سترسم شكل سوريا الجديدة نظاماً وتركيبة.

 

 

ستلجأ تركيا الأردوغانية الآن وبسرعة إلى تحقيق حلمها في وضع اليد على الشمال السوري بحجج عدة، منها مكافحة “الاٍرهاب” الكردي، وخلق منطقة آمنة لعودة النازحين السوريين، ومنها أيضاً المهمة التي كلفها بها ترامب وهي تحمل مسؤولية عناصر “داعش” الموقوفين لدى “قسد”، بعد أن رفضت دول المنشأ الأوروبية استعادتهم على قول الرئيس الأميركي.

 

ولنا أن نتوقع منذ الآن ما سيجري في تلك المنطقة الشاسعة شرق الفرات. الكرد حذروا من أنهم سيضطرون لسحب القوات المسؤولة عن السجون لصد الهجوم التركي المتوقع، وهذا يعني احتمال إطلاق عودة جديدة لتحرك عناصر التنظيم لا تقتصر على شمال وشرق سوريا، بل يمكن أن تتعداهما الى العراق الذي يشهد انتفاضة ضد سلطة الفساد والنفوذ الإيراني، والروس بدوا متحفظين تجاه الخطوة الأميركية فاكتفوا بالدعوة إلى انسحاب كل القوى الأجنبية من سوريا، وسارع الايرانيون إلى عرض وساطتهم بين النظام السوري والاتراك من جهة، والنظام والأكراد من جهة اخرى، وكل هذه المواقف والاقتراحات لا تخفي الارتباك العام الذي أثارته الخطوة الأميركية في انتظار نتائجها الملموسة على الارض.

 

اما السؤال الكبير فهو عن الرابط بين قرار الانسحاب من الحروب السخيفة ومستقبل العلاقات الأميركية – الايرانية. حتى اللحظة لا يبدو الربط واضحاً، فالخطوة قد تزيد التورط الإيراني وتنهك قواه، في سوريا والعراق وغيرهما، لكن الاجوبة عن هذا التورط، خصوصاً بعد الهجوم على السعودية لا تزال قيد الانتظار، وهي التي ستفصل بين الحروب السخيفة وغير السخيفة.