على ايقاع الطقس البارد والماطر في بيروت، هدأت الجبهة الداخلية اللبنانية، وغابت الغارات عن الضاحية الجنوبية، كما خفت وتيرتها جنوبا وبقاعا، رغم بعض الخروقات، مع تقدم المشهد الامني الى الواجهة بكل مندرجاته التي تشابكت خيوطها وتقاطعت عند القرار ١٧٠١، وسط كم من المعلومات حول “شبح امهز ” ودوره.
كل ذلك فيما الحماوة الانتخابية الاميركية الى تصاعد مع بدء العد العكسي، لاكثر انتخابات رئاسية مثيرة للجدل والمخاوف، التي دفعت بسلطات العاصمة واشنطن، وضع الحرس الوطني في حال الاستعداد تحسبا لاي طارئ، كما الطائرات الحربية والقاذفات الاستراتيجية التي وصلت الى المنطقة، على وقع التهديدات والتحذيرات من كل حدب وصوب.
واذا كانت انتخابات الكونغرس هذه المرة، حيث يتمتع “اللوبي اللبناني – المسيحي” بثقل راجح ومؤثر، فان انظار الاميركيين ومعهم شعوب العالم، تتطلع الى ما بعد الخامس من تشرين الثاني وما ستفرزه نتائج ذاك الثلاثاء، من تغيير لطبيعة العلاقات على مستوى العالم، ولكن الاهم من دور الولايات المتحدة ووظيفتها لسنوات قادمة طوال.
ومن بين المنتظرين على الرصيف اللبنانيون بشيبهم وشبابهم، الذين اعتادوا ربط مصيرهم باستحقاقات دستورية خارجية، غالبها اميركي، ليبنوا على نتائجها احلامهم واوهامهم وكوابيسهم، خصوصا في هذا الوقت المصيري من تاريخهم، رغم تأكيد العالمين ببواطن السياسة الاميركية، وآليات عمل دولتها العميقة، ان بين دونالد ترامب وكامالا هاريس، شيئا لن يتغير بالنسبة لما كتب لبنانيا، طالما ان”اسرائيل” من الثوابت.
الا انه رغم ما تقدم، يكشف مصدر اميركي متابع، ان وصول دونالد ترامب سيدفع بواشنطن لاعتماد سياسة غير تقليدية تعتمد على مواقف حادة تجاه إيران، وتعزيز الاتفاقيات “الإبراهيمية” بطريقة تضغط على الدول التي لم تنضم بعد، ومن بينها لبنان، حيث الظروف الحالية مؤاتية جدا.
ويتابع المصدر بانه من المتوقع أن تشهد المنطقة مزيدا من الاستقطاب إذا عادت سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، ما قد يشعل المزيد من الصراعات أو يعمق الانقسامات الطائفية، وهو ما يمثل تحديا للبنان تحديدا، الذي سيجد نفسه مضطرا لايجاد معادلة توازن بين الضغوط الأميركية والتحديات الداخلية.
أما في حال فوز المرشحة الديموقراطية، فان ذلك سيعني استمرارية الدعم التقليدي “لإسرائيل”، لكن ضمن نهج أكثر توازنًا، نتيجة التحرر من المعركة الرئاسية، تحت عنوان تعزيز دور واشنطن كوسيط في المنطقة، مع التركيز على قضايا حقوق الإنسان والاهتمام بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول المحور، وفقا للمصادر.
مع ذلك، يرى المصدر أن ما سبق لن يلغي النهج الاستراتيجي الداعم “لإسرائيل”، لجهة تقديم الدعم السياسي والعسكري لـ “تل ابيب” في حربها ضد المحور وتحديدا في لبنان، الذي يجمع الاميركيون على انه البوابة الرئيسية للحد من النفوذ الايراني في الاقليم.
في هذا السياق، قد تبرز فرصة أمام بيروت للاستفادة من الديبلوماسية لإعادة إحياء المبادرات، التي سبق وطرحت للخروج من اوضاعه الحالية، بعيدا عما قد يفرزه الميدان من نتائج، ذلك ان سقف التطورات الميدانية الادنى هو القرار ١٧٠١، وبالتالي من مصلحة لبنان اخراج الميدان من الساحة.
عليه، وفي انتظار ان يصدق المنجمون او يكذبوا، مع وصول كامالا هاريس من عدمه، الامر الوحيد الاكيد هو ان التوترات والصراعات المفتوحة ستبقى على حماوتها للسنة الجديدة، الى حين تركيب الادارة الجديدة، وهو ما سيترجم في لبنان، دما ودمارا اضافيا.