يبني البعض آمالا واسعة على انتخاب دونالد ترامب، رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، ويعتبر ان عودته لمنصب الرئاسة للمرة الثانية، ستحقق نقلة نوعية في الادارة الاميركية،من مرحلة التردي والانحدار والفشل في وقف الحروب وحل الازمات العالمية، الى مرحلة إيجاد الحلول لكثير من ألازمات وانهاء الحروب في العالم، وخصوصا الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، ووقف الاعتداءات والقصف الجوي الإسرائيلي على لبنان واحلال السلام النهائي في المنطقة كلها.
وينطلق هؤلاء المبشرين بنوايا ومزايا الرئيس الاميركي المنتخب، وقدراته الواعدة، من جملة وعود قطعها للناخبين خلال حملته الانتخابية، لاقناعهم بالتصويت له، بمواجهة منافسته الديموقراطية كاميلا هاريس،ومن حملة دعائية واسعة، تولاها مقربون منه وبينهم من اصول لبنانية، عن خططه للتعاطي بسياسة مختلفة مع مشكلة الصراع العربي الاسرائيلي، والحرب الإسرائيلية على لبنان تحديدا، تختلف عن تعاطي الادارة الاميركية الحالية المتماهي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الى حد التواطؤ والتغاضي عن حرب الابادة وقتل الأطفال والمدنيين، التي يشنّها في قطاع غزّة والضفة الغربية، وتهدف الى وضع حد لها وايجاد الحلول المناسبة. في حين يلاحظ ان هذه الوعود الوردية، لاترتكز إلى سوابق و انجازات واقعية حققها خلال ولايته الاولى، ولاسيما مايتعلق منها بازمة الشرق الاوسط، تعطي صدقية مقبولة لما يروج عنه.
ويتناسى هؤلاء المبشرين بسياسة اميركية متمايزة ينتهجها ترامب في الشرق الأوسط، أنه كان سباقا خلال ولايته الاولى، لاظهار دعمه وتاييده اللامحدود لإسرائيل، بالتوقيع على قرار تاريخي لنقل السفارة الأمريكية من تل ابيب الى القدس، وقيادة مشروع التطبيع الإسرائيلي مع دول الخليج العربي، من دون تقديم اي مقابل لدفع مشروع حل الدولتين قدما الى الامام، ومتجاهلا الحقوق التاريخيه للشعب الفلسطيني في أرضه، وكأن لاوجود للقضية الفلسطينية في قاموسه من الأساس.
كيف يوفق ترامب في سياسته تجاهل القضية الفلسطينية، ووعوده الانتخابية بانهاء حرب غزّة ولبنان خلال ولايته الثانية؟
قبل أن يتسلم ترامب مهامه الرئاسية بشهرين، بادره رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بالطلب منه تأييد ضم الضفة الغربية لإسرائيل، مقابل انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من قطاع غزة، مايعني ضمنا قطع الطريق على اي محاولة يقوم بها الرئيس الاميركي المنتخب، لانتهاج سياسة متوازنة بالحد الادنى، لتاييد حل قيام الدولتين.
ولذلك، لايمكن تجاهل هذه الوقائع السلبية في ولاية ترامب الاولى، ويخشى ان تضيع وعوده الانتخابية، لانهاء حرب غزّة، في متاهة علاقته المتماهية مع إسرائيل، ولايستطيع التفلت منها، لحسابات ومصالح انتخابية وسياسية،وان تكون الحلول المطروحة لانهاء الحرب الإسرائيلية على حساب لبنان، خلافا لمايروج مستشاره اللبناني الاصل في مجالسه واحاديثه.