أحداث مهمة طرأت مطلع الاسبوع وطرحت تساؤلات المراقبين واستدعت تحذيرات سفارات من احتمال حصول خضّة امنية مرتقبة على لبنان. وهذه الأحداث تزامنت مع قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب بعزل وزير الدفاع مايك اسبر من فريق عمله ومن منصبه، في خضم عراكه الرئاسي مع نظيره جو بايدن، ليتساءل المراقبون عن السبب المهم الذي دعاه الى اتخاذ قرار كهذا، قبل اقل من شهرين فقط على انتهاء ولايته، فيما ذهب بعض هؤلاء الى ترجيح ان يكون إسبر رفض قراراً مهماً اتخذه ترامب، قد يكون ضربة عسكرية في المنطقة.
هذا التحليل وفق المراقبين جاء استناداً الى أداء اسبر واعتراضه على قرارين مهمين كان سبق لترامب ان اتخذهما:
ـ الاول، عندما ايّد اسبر قرار الاقفال العام في البلاد، فيما عارضه ترامب بحجة حماية المصالح الاقتصادية.
ـ الثاني، حين رفض اسبر قرار ترامب استخدام القوة العسكرية لقمع المتظاهرين اثناء اعمال الشغب الاخيرة في الولايات المتحدة.
الّا انّ ترامب لم يتحرّك حينذاك، ولم يتخذ حينها قراراً بعزل اسبر، واختار التوقيت في هذه المرحلة بالذات وبعد «خسارته» في معركته الرئاسية التي لم يعترف بها حتى الساعة.
تقول مصادر ديبلوماسية مراقبة، انّ قرار ترامب مثير للشك والريبة ومن الضروري التوقف عنده، خصوصاً بعد قبول الطعن الذي تقدّم به بعد تشكيكه بنتائج الانتخابات الرئاسية. إلّا أنّ السؤال المطروح، والذي يعني لبنان، بحسب المراقبين، ليس ترقب خسارة ترامب او فوزه في الطعن، بمقدار ما هو ترقّب السبب الذي دعاه الى اقالة وزير دفاعه. ويرجح هؤلاء احتمالين لقراره:
ـ الاول: شخصية ترامب المثيرة للجدل واستغلال ايامه الاخيرة في البيت الابيض للانتقام. ويمكن استشفاف هذا الامر من خلال سلسلة قرارات داخلية وخارجية اتخذتها ادارته أخيراً، ويطغى على غالبيتها «الطابع الانتقامي»، وهذا ما اشارت اليه رئيسة مجلس النواب الاميركية الديموقراطية نانسي بيلوسي، التي وضعت اقالة وزير الدفاع المفاجئة مارك اسبر في هذا السياق، معتبرة «أنّها دليل مقلق على عزم ترامب على استغلال ايامه الاخيرة في الرئاسة لنشر الفوضى في اميركا وحول العالم»، معتبرة «انّ تهور ترامب يهدّد الامن القومي».
ـ الثاني، تستبعد اوساط سياسية مطلعة ان يكون لقرار ترامب اسباب تتصل بشخصيته او لرغبته في الانتقام، مؤكّدة أنّ مصالح اميركا الخارجية وأمنها القومي اكبر من قصة شخصية. ولفتت الى انّ اقوى بلد في العالم لا يتعامل مع قادته ومسؤوليه من منطلق الانتقام، خصوصاً امام استحقاقات كبيرة وخطيرة، لأنّ مصلحة امن اميركا القومي هي الأولوية وتتقدّم على كافة القرارات الانتقامية والشخصية.
وتؤكّد الاوساط نفسها انّ القضية هنا «ليست شخصية»، وانّ الاحتمال الكبير ان يكون وزير الدفاع الاميركي قد رفض قراراً مهماً وكبيراً اتخذه ترامب أخيراً، ما اضطره الى عزله من فريق عمله الحالي ليتمكن من تنفيذ هذا القرار. وترجح تلك الاوساط ان يكون قرار الرئيس الاميركي عسكرياً بامتياز، أي ضربة عسكرية.
ويتساءل سياسيون عن موعد هذه الضربة واين ستكون ساحتها؟ أتكون في جنوب لبنان أم في ايران او في الجوار، خصوصاً وأنّ اقالة إسبر تزامنت مع احداث مقلقة ورمزية شهدها لبنان:
– سحب السفراء، السعودي والاماراتي والكويتي من لبنان.
– تغريدة «مجتهد» التي تحدث فيها عن استنفار الجيشين السعودي والاميركي على الاراضي السعودية.
– تحذير شديد اصدرته السفارة الكندية في لبنان عبر بيان نبّهت من خلاله مواطنيها من خطر اعمال ارهابية وعمليات عسكرية قد تشمل كافة المناطق.
وتتساءل تلك الاوساط عن مسرح الضربة العسكرية المفترضة، إن صحّت التوقعات في شأنها، والقلق من ان تكون في الجوار، والمؤشر الى ذلك، رصد اسرائيلي لطائرة «درون» فوق الاراضي المحتلة تبين انّ «حزب الله» هو من ارسلها.
أما اذا كان الميدان ايران! فالسؤال هو: هل التحرّك العسكري ضد ايران يمكن ان يؤدي الى استنفار «حزب الله» او تحركه في لبنان، وأنّ كندا لهذه الاسباب حذّرت رعاياها، فيما الامارات والسعودية والكويت سحبت سفراءها من لبنان؟
وتضيف الاوساط: «يبدو انّ هناك قراراً ما اتخذه ترامب، وترجمت مفاعيله، إقالة وزير الدفاع الاميركي وتغريدة «مجتهد» الذي يواظب على نشر اسرار العائلة المالكة في السعودية منذ اكثر من سنتين». والمؤشر الأهم: لماذا اختار «حزب الله» التحرك في هذه المرحلة؟ ولماذا يفعّل نشاطه الآن على الحدود تحديداً؟