IMLebanon

دونالد ترامب «سيساعد» حلفاءه؟! –

 

 

رحم الله الرّاحل البابا شنودة الثالث (بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية) وجملته الشهيرة «العرب لا يقرأون»، للأسف هذه هي الحقيقة المرّة التي تترجم الواقع العربي المرير، بالأمس غرّد «اللصّ الأميركي» تغريدة ليس هناك أفضح ولا أوضح منها ولا من صاحبها الرئيس الأميركي دونالد ترامب كتعليق مباشر على الضربة القاسية التي تلقّتها السعوديّة وشركتها العملاقة أرامكو إذ قال «نحن مصدر خالص للطاقة، وأصبحنا الآن المنتج الأول للطاقة في العالم، لا نحتاج إلى نفط وغاز الشرق الأوسط، وفي الواقع لدينا هناك عدد قليل جدا من ناقلات النفط، لكننا سنساعد حلفاءنا»، وبالتأكيد لم يقل ترامب للعالم كيف سيساعد حلفاءه الذين سبق وطالبهم بدفع ملياراتهم نظير حمايتهم، فدفعوا ومع هذا لم تقدّم لهم أي حماية!!

 

هذا ليس بالكلام الجديد لترامب، لم يكن الأمر يحتاج إلى استهداف إيران لمنشآت السعودية النفطية ليعلم ترامب هذا الموقف، ولكن ماذا نفعل، فالعرب لا يقرأون؟ في تشرين الثاني من العام 2018 وفي حوار وصف بـ»المستفزّ» قال دونالد ترامب: «إنّ الولايات المتحدة متواجدة بالشرق الأوسط فقط لحماية إسرائيل (…) النفط سبباً أقل أهمية للبقاء في الشرق الأوسط، لأنّ الولايات المتحدة أصبحت تنتج النفط أكثر من أي وقت مضى»، لو كان العرب يقرأون لما خدعوا أنفسهم و»طبّلوا وزمّروا» لدونالد ترامب وما أطلق عليه «اتفاقية الرؤية الاستراتيجية المشتركة» ووصفها بأنها «تاريخية وغير مسبوقة»، وما كانوا بالتأكيد لينفقوا 400 مليار دولار أميركي في أيار العام 2017 على وهم حماية!!

 

بالأمس نشرت الولايات المتحدة صوراً التقطتها أقمار صناعية مرفقة بتقارير استخباراتية وعزّزت اتهامها لإيران بالوقوف وراء هجمات على منشآت نفطية سعودية، حسناً.. عظيم، ولكن أين تصرف السعوديّة هذه التقارير؟ في العام 2017 في 13 تشرين الأول، كشف دونالد ترامب عن استراتيجيته ـ التي سُمّيت بـ»الحازمة» ـ تجاه إيران وموقفه من الاتفاق النووي، يومها تحدّث عن إجراءات اتخذها منها التعامل مع الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية والعمل على تجفيف أمواله وعن اتخاذ إجراءات مالية قاسية بحقه حتى لا يستطيع تطوير القدرات الصاروخية التي يرعب بها جيرانه…

ويومها أيضاً تحدّث عن «إحياء العلاقات الاستراتيجية القديمة مع أصدقائها القدامى في المنطقة» واستخدم تعبير «الخليج العربي» والعرب المساكين صدّقوه فأشادت السعوديّة بـ»رؤية ترامب والتزامه بالعمل مع حلفاء أميركا وعمله على مواجهة التحديات، وعلى رأسها سياسات إيران العدوانية في المنطقة»، ولأنّ العرب لم يتعلّموا من سياساتهم الخاطئة التي يمارسونها بتكرار ـ عجيب غريب يؤكّد أنّهم لم يتعلّموا منها شيئاً ـ بعد كلّ هذه الاحتفالات بعودة الحلف الاستراتيجي بين ترامب وحلفائه استهدفت العاصمة السعوديّة الرياض في كانون الأول 2017 بصاروخ باليستي لم يفعل ترامب أكثر من أنّه اتصل بالملك سلمان وأكد «وقوف الولايات المتحدة الأميركية مع المملكة في مواجهة تهديدات أمنها الوطني»، ولا يزال ترامب واقفاً من يومها مع المملكة، وقفة معنوية رمزيّة مع دولة وصفها مرّة وزير خارجيتها السابق عادل الجبير بأنّها «الشريك الأول للولايات المتحدة في العالم العربي والإسلامي»، مجرّد وقفة «كلام بكلام» لا يقدّم ولا يؤخّر دفعت ثمنه المملكة 400 مليار دولار أميركي لـ»اللصّ الأميركي»!!

 

تأخّر الوقت كثيراً على أن يتحرّك العرب ويفعلوا شيئاً لينقذوا أنفسهم وليكن واضحاً أنّ لا الكويت ولا البحرين ولا الإمارات بمنأى عن نفس الاستهدافات المؤلمة التي تلقّتها السعوديّة، حان الوقت ليخرجوا من عقليّة بليدة أوصلتهم إلى هذا الحال المخجل، كيف سيساعد دونالد ترامب والعالم معه دولاً عاجزة عن حماية ومساعدة نفسها؟!