«لا تخافوا من دونالد ترامب». هكذا كانت اجابة سفير خليجي في بيروت عن أسئلة مرجع لبناني يرى أن البلاد وكذلك المنطقة قد تكون أمام مرحلة أكثر دقة، وأكثر خطورة، بعدما استشعرت نوعاً من الصدمة بعدما بدأت النتائج تخرج من صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة، لتكون عودة الرئيس السابق الى البيت الأبيض كما التسونامي ان على مستوى العالم أو على مستوى الشرق الأوسط.
اتصالات جرت مع أكثر من عاصمة عربية، وأوروبية، لاستطلاع آرائها، والتي يمكن اختزالها بـ «أننا كنا نتوقع من جو بايدن، الآتي من أروقة الكونغرس، وحيث قضى نحو ثلاثة عقود توجت بشغله منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، أن يحاول الحد من الفوضى الدولية التي أحدثها سلفه، بتغريداته اليومية، والحافلة بالضجيج السياسي، والاستراتيجي، فاذا به ينشر الحرائق ان في الشرق الأوروبي، أو يتبنى السياسات المجنونة لبنيامين نتياهو، وليظهر بمظهر البطة العرجاء منذ دخوله الى المكتب البيضاوي.
من تلك الردود أن ترامب الذي غالباً ما يقرع الطبول، أظهر أنه يتولى ادارة الأمبراطورية بطريقة من يدير كونسورتيوم لشركات قابضة. ما يعنيه، كرجل أعمال، المال، كعامل أساسي في اعادة احياء «أميركا العظمى»، وهو الشعار الذي رافقه ابان ولايته الأولى، ولا بد من أن يرافقه طوال ولايته الثانية التي تبدأ في 20 كانون الثاني المقبل. لا حروب، بل ضغوط متعددة الأبعاد لبلوغ أهدافه.
رهان نتنياهو الخاطئ
واذا كانت المعلومات قد أشارت الى أن المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتين قد أبلغ، في زيارته الأخيرة لبيروت، الجهات المعنية بأن مهمته لن تنتهي، أياً كان الفائز في الانتخابات الرئاسية، وهذا يعني أن جو بايدن الذي أعلن صهيونيته، على رؤوس الأشهاد، يكون قد تحرر من «المطرقة اليهودية»، بل يمكن أن يكون أكثر حزماً في التعاطي مع نتنياهو الذي يعتقد أن فوز ترامب يعني أن الأمور ستكون سالكة أمامه لتنفيذ مشروعه التوراتي، وهذا ما تصفه جهات أميركية بـ «الرهان الخاطئ» كون ترامب يعتقد أن سلفه شق أمامه الطريق، بسياسة الأرض المحروقة، لاستئناف عملية التطبيع (الجماعي). تالياً، تغيير الشرق الأوسط بحسب رؤية الرئيس الأميركي، كمقاول، لا بحسب رؤية نتنياهو كحاخام.
ما يساعد على ذلك، وتبعاً للمصادر العربية والغربية على السواء، وهذا ما تم نقله الى جهات معنية في بيروت، ان ايران التي تحاول تدارك ما يمكن تداركه من تداعيات الخطأ القاتل الذي ارتكبته باعتقادها أن تفجير الجبهات، غداة عملية «طوفان الأقصى»، لا بد أن يفضي الى ازاحة «اليمين التلمودي» عن السلطة في اسرائيل، وكذلك وقف جهود بايدن احداث واقع جديد في المنطقة، انطلاقاً من خطة ترامب التي أطلق عليها صهره جاريد كوشنر «صفقة القرن».
الصهر اللبناني للرئيس الأميركي
الآن صهر لبناني للرئيس الجمهوري. علامات استفهام كثيرة حول ما يمكن أن يفعله أبوه، منسق الشؤون العربية في حملة ترامب، مسعد بولس، وهو رجل الأعمال البارز الذي يتماهى مزاجه مع مزاج دونالد ترامب، خصوصاً بعدما أظهر براعته في ولاية ميتشيغان (الولاية العربية بين الولايات الخمسين)، ليتردد أنه قد يكون المبعوث الرئاسي الى الشرق الأوسط، وان كان هناك من يتوجس من دور للوبي اليهودي في التأثير بمهمته التي من أولوياتها اخراج لبنان لا من عنق الزجاجة وانما من فوهة البركان.
واذا كان السفير الخليجي قد دعا كبار المسؤولين اللبنانيين الى عدم الخوف، فان الرسائل اتلفزيونية، أو غير التلفزيونية، التي وجهها بولس تضيف كلمة»تفاءلوا» لتصبح الصيغة الأخيرة «لا تخافوا من دونالد ترامب… تفاءلوا». هذا لا يعني أن لبنان سينتقل، بين ساعة وأخرى، من الجحيم، وحيث لا تزال السياسات الهيستيرية لنتنياهو تطغى على المشهد السياسي، والعسكري. حتماً ليس ترامب بالرجل الذي يمتطي نتنياهو ظهره. انه شديد الحساسية حيال من يمكن أن يتصرف هكذا، اذا ما أخذنا بالاعتبار ألا يستطيع، دستوريا ً وبحكم السن ايضاً، الترشح لدورة ثالثة، ما يحرره من «الظلال المسننة» للدولة العميقة، ولا لمخالب صقور اللوبي اليهودي.
المثير أن تلتقي نظرة بايدن مع نظرة دونالد ترامب في الحد من النيران التي تحرق لبنان، لدفع المساعي بوتيرة أقوى نحو اتفاق اطار يمكن أن يكون نقطة انطلاق لمفاوضات لا تجري «في جهنم»، بحسب تعبير مرجع كبير أمام آموس هوكشتين، مع امساك (وتمسك) الجانب اللبناني باتفاقية الهدنة في رودس، عام 1949، التي رسمت خطاً لهدوء مستدام، ومتوازن، بين الجانبين.
المصادر الديبلوماسية الغربية لا تعتقد أن الرئيس المنتخب سينتظر موعد تسلمه سلطاته الدستورية، بعد نحو شهرين ونصف من الآن.
هكذا وعد، بل تعهد، مسعد بولس لبعض أركان الجالية اللبنانية في مدينة ديربون (ميتشيغان)، ليقول الفرنسيون ان التاريخ الديبلوماسي للولايات المتحدة ينطوي على أكثر من مثال على تعاون الرئيس مع الرئيس المنتخب في قضايا تعتبر ضرورية وحساسة. لبنان، وكما أوحى بولس بين هذه القضايا.
ما علمته «الديار» أن ثمة نصيحة فرنسية ـ سعودية مشتركة الى مرجع معني بانتخاب ـ في الحال ـ رئيس للجمهورية مع الإصرار المشترك على احد المرشحين البارزين كمدخل الى المرحلة المقبلة التي يفترض أن تكون أقل هولاً بكثير…