فاتني، كمناصر للحيوانات اللطيفة، أن أحيّي حوالى ستين مليون حمار وبغل تدبّ وتكدح على سطح الكرة الأرضية، وتنهض بأعباء جسام في القطاع الزراعي والسياحي والصناعي (صناعات تجميلية) هي تأمل اليوم أن تعود مجدداً لتتولى شؤون قطاع النقل البري في أوروبا والعالم في المدى المنظور مع استمرار فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا. يكون الحمار حماراً إن لم يستفد من الحرب وغلاء المحروقات وقطع الغيار. والكلام موجّه أيضاً للبغل الذي أثبت علو كعبه في عمليات التهريب في المناطق الوعرة ولم تتمكن قوى مكافحة التهريب من انتزاع أي اعتراف من أي بغل في حين أن المهرّب “يقرّ” من أوّل كفّ.
في يوم 8 أيار، على الجمعيات الدولية، النظر في أوضاع الحمير التي تتعرض في بعض المجتمعات الريفية إلى معاملة قاسية، كما تستخدم في مناطق النزاعات لتفجير الألغام الأرضية، وتضرب من دون شفقة، وتُحرم من الشعير والحبوب ولا تُخضع للفحوص الدورية، ويستخدم حليبها في مستحضرات التجميل من دون أن تنال حصتها المشروعة من أرباح الشركات. merci ما في. تباً للرأسمالية المتوحشة، فلتسقط الإمبريالية.
صحيح أن الحمار بات رمزاً لواحد من أكبر الأحزاب الأميركية (الحزب الجمهوري) وحصّل بعضاً من حقوقه الطبيعية في بلاد تحترم نفسها، كنيل عطلة أسبوعية، والعمل 8 ساعات فقط، والحصول على بعض الإمتيازات (تحسين نوعية العلف)، لكن يبقى أمامه خطوات جبارة كي يدلي بصوته لاختيار ممثليه في الجمعيات التي تُعنى بشؤونه وقضاياه.
“قرّب يا بيجو يا حمار”، “مين علّمك السواقة يا حمار؟”، “كل عمرك رح تبقى حمار”، تعابير لم يعد مقبولاً سماعها لا على جسر الكولا، ولا على مستديرة الدورة ولا حتى على شاشة التلفزيون. قبل أسبوع وصف أحد المرشحين، في لحظة غضب، مرشحاً آخر بالـ “حمار” لكنه سارع إلى الإعتذار وكأنه تفوه بكلمة نابية. أن يُنعت مرشّح بالحمار فمعناه أنه عنيد في مواقفه، صبورعلى المحن، ذكي في تقدير الأوزان، كما أنه لا يحتاج إلى خريطة طريق للوصول إلى البرلمان. أرسله مرة واحدة فيحفظ الطريق. ذات يوم كتب “المتشائل” إميل حبيبي “أنا أُجِلُّ الحمار عن أن أُطالبه بما اُطالب به ذوي العقل واليد واللسان” ومثل حبيبي، أجلّ الحمار صديق صباي ولا اطالبه سوى بقبول اعتذاري ولو متأخراً عما بدر مني حياله، من سوء معاملة واختبارات تبدأ بتنظيف أسنانه بفرشاة ملوثة، و”تعطيشه” ليوم كامل كي يركض كفرس جاهز للمنافسة في ميدان سبق بيروت المخصص للأحصنة حصراً.