تشير معلومات مستقاة من جهات دولية اوروبية في بيروت، الى استمرار الحراك الفرنسي على مستوى عواصم مجموعة الدول المانحة، من اجل البحث في سبل الوقوف الى جانب اللبنانيين والدولة اللبنانية في الازمة الحادة التي تضرب لبنان وتصيب كل قطاعاته المالية والاقتصادية، كما السياسية، على حدّ سواء. ومن ابرز العواصم التي لحظها هذا الحراك، العاصمة الاميركية كما الروسية والبريطانية، اضافة الى عواصم اقليمية، وذلك مع مشاورات موسعة على مستوى الاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية، وذلك من اجل وضع مسودة حلول تلاقي كل هذه الازمات، وتحمل في الوقت نفسه خارطة طريق اصلاحية تسمح بالافراج عن المساعدات المالية المخصصة للبنان من مؤتمر «سيدر». وخلافاً لما هو عليه، المشهد السياسي الداخلي، فان المعلومات تلفت الى ان الاتصالات الديبلوماسية الجارية تعكس دينامية لافتة، وقد برزت اولى معالمها في النتيجة التي تحققت عبر الافراج عن مساعدات اميركية بقيمة 105 ملايين دولار للجيش اللبناني، وذلك بصرف النظر عن كل التفسيرات التي اعطيت وما زالت تعطى وتتردد في الكواليس الديبلوماسية في لبنان وفي الولايات المتحدة على حد سواء، بعدما جرى الحديث عن ربط قرار حجب هذه المساعدات بالتطورات الدراماتيكية التي شهدتها الساحة اللبنانية منذ 17 تشرين الاول الماضي.
وعليه فان اتساع رقعة الاتصالات الفرنسية يبدو حتمياً كما تكشف المعلومات الديبلوماسية، خصوصاً وان تداخلاً بات يسجل على الساحة اللبنانية ما بين الازمة المعيشية والمالية وما بين الازمة السياسية، وذلك في ضوء ازدياد الصيغ المطروحة للتسوية الحكومية، والتي تبقى في منأى عن الازمة المالية التي وصلت الى مرحلة متقدمة وتستوجب دعماً مالياً عاجلاً وبمليارات الدولارات من اجل الابقاء على الاستقرار المالي وتأمين السيولة اللازمة للمصارف، خصوصاً في ضوء اقتراب القطاع المصرفي من مرحلة اتخاذ قرارات صعبة تعكس الواقع الفعلي للازمة المالية، وذلك مع تدني سقف السحوبات المالية من الماصرف سواء بالعملة اللبنانية او بالعملة الاجنبية، وبروز احتمال بان يتدنى هذا السقف اكثر في مراحل لاحقة.
ومن ضمن هذا السياق، تتحدث المعلومات عن وجود توجه نحو دعم لبنان من قبل مجموعة الدول المانحة من خلال الاسراع في تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» التي كانت مؤجلة بسبب تأخر لبنان في تنفيذ التزاماته، ولكن ذلك لن يتحقق اذا استمرت الازمة السياسية على حالها، اذ من المفترض تأليف حكومة جديدة تضع في اولوياتها، السير في كل البرامج الاصلاحية التي كانت وعدت بها الحكومة السابقة منذ عامين عبر خطة رفعتها الى الدول المانحة، ولكنها لم تلتزم باية مواعيد زمنية لتنفيذها، وهو ما ساهم في تأخير وصول الدعم المالي الدولي الى لبنان، وبالتالي تأجيل مشاريع اعادة بناء البنى التحتية في الدرجة الاولى، وصولاً الى حل مسألة العجز في الخزينة اللبنانية، ومروراً بتحريك عجلة الاقتصاد والنهوض من الازمة بعدما تراجعت نسبة النمو الى ما دون الصفر في المئة.