Site icon IMLebanon

«ما تجرّبونا» في مُواجهة «لا تحرجوني فتخرجوني»

فشل اقتراح رئيس مجلس النواب الجديد على طاولة الحوار في احداث الخرق المطلوب. هكذا على الاقل ما تظهره المداولات في الصالونات المقفلة وخلف الكواليس، مع تصاعد الخشية المسيحية من ان تؤدي محاولات تشريع الضرورة والتخلي عن اولوية قانون الانتخاب كشرط ميثاقي الى تفكيك ما بقي صامدا من التحالفات، ما قد يضع البلد في خطر اكيد، رغم ان ثمة بين المسيحيين من يروج لبرغماتية مقلقة تحت حجة واعذار واهية فيما بدا تيار المستقبل اكثر تهيبا لركوب هذه المغامرة.

مصادر مسيحية مواكبة، أكدت ان مداولات جلسة الحوار وما لحقها بينت بما لا يقبل الشك السلبية التي يتعامل معها المسيحيون ازاء «مناورة» الرئيس بري، مبدية اعتقادها ان الثنائي المسيحي سيذهب الى مزيد من التصلب حيال «فخ بري» لاسباب ابعد من التشريع، ليس اقلها، السباق الرئاسي والتنافس بين عون وفرنجية، من جهة ، والمعارك الانتخابية التي انصرفت الماكينات الحزبية اليها بكل قوّة بعدما سقطت آمال غالبيتها في تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية وباتت بحكم الأمر الواقع، من جهة ثانية، مشددة على أن الأيام المقبلة مفتوحة على تشاور متواصل لدراسة سلبيات وايجابيات «المبادرة»، مشيرة الى الخشية من ان يسير الرئيس بري بقراره حتى النهاية، ملمحة الى ان ما قدّمه الرئيس بري قد يشكل مدخلاً لحل أزمات أخرى.

المصادر التي توقعت ارتفاع وتيرة التجاذبات بقوة في الايام المقبلة حول هذا الملف، الذي من شأنه ان يزيد حماوة التوترات السياسية، نظراً الى ما أثارته وتثيره ملفات الفساد المفتوحة من احتدامات وكان آخرها التراشق الإعلامي الحاد بين زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط ووزير الداخلية نهاد المشنوق، حول مجموعة امور تتصل بضباط محسوبين على جنبلاط او بملف الانترنت غير الشرعي، رأت المصادر المسيحية ان أكثر من من قطبة مخفية تتحكم بسلوك بري، ابرزها:

– محاولته تحرير الرئيس سعد الحريري من تعهده السابق، مقابل سيره لاحقا برئيس تسوية «بيضة قبان» عين التينة، وقبلها «ميثاقية» مسيحية منقوصة يؤمنها نواب «لبنان أولا» وكتلة النائب سليمان فرنجية والقومي.

– دق اسفين بين القوات والتيار مستفيدا من غياب الرؤية الموحدة بينهما ازاء قانون الانتخاب.

– اصراره على تمرير مشروع قانون يمدد ولاية المخاتير في جبل لبنان بعد تأجيل الانتخابات الاختيارية فيها من 1 أيار الى 15 منه، ليكون مدخلا الى تمديد للبلديات ، لقطع الطريق على طرح «الجنرال» بضرورة اجراء الانتخابات النيابية حتى وان وفقا لقانون الستين.

– سعيه الى «تبييض الصفحة» مع الاميركيين من خلال تمرير تسعة مشاريع واقتراحات قوانين معظمها قروض ومعاهدات متصلة بالاجراءات الاميركية ضد حزب الله بحجة حماية المصارف اللبنانية.

واذا كانت منطلقات الاطراف المسيحية من مسألة التشريع مختلفة، فإنها تلتقي على وضع إدراج قانون الانتخابات الجديد وضرورة إقراره ضمن اولويات اي جلسة تشريعية ولو ان حزب «الكتائب» يتميز بموقفه «الاكثر تشددا»، برفْضه التشريع مطلقاً قبل انتخاب رئيس للجمهورية، ذلك انه لا يمكن القبول بأي نوع من التشريع في ظل الفراغ الرئاسي القائم، باعتبار تلك العملية غير قانونية وغير دستورية حتى في حدودها «الضرورية»، لأن مجلس النواب هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية، وبالتالي فإن كل هذه المحاولات الالتفافية على انتخابات الرئاسة لن تجدي نفعاً ولن يقود هذا الحراك الدائر، لا في جلسات الحوار ولا في سواها إلى شيء، قبل الاقتناع بحتمية انتخاب رئيس الجمهورية كأولوية مطلقة ، بحسب أوساط كتائبية.

من جهتها تحدثت مصادر الرابية عن جوجلة للآراء مع «الحلفاء الجدد» في معراب، رافضة التهويل بعامل الوقت وفرض المهل الذي لا يتيح المجال أمام التفكير في جميع المعطيات والخيارات الموجودة، مذكّرة الرئيس بري بتعهداته السابقة حول مسلمتي الميثاقية والمساواة ، الا إذا كانت هناك من قطبة مخفية وراء اسقاط الوعود الجاري بالجملة، كون ذلك سيقفل الباب نهائياً امام أي احتمال بالمشاركة، ذلك «ان المسيحيين تنازلوا بما يكفي في ظل غياب رئيس، راضين بوصفهم القتيل فيما لم يرض القاتل، ناصحة الجميع بان «لا يجربونا»، واكدت المصادر ان تشريع الضرورة خطة الرئىس نبيه بري لاخراج العماد ميشال عون.

حتى تشريع الضرورة بجدول اعمال محصور لن يمر عند الاحزاب المسيحية. فكل ما يطرح من أفكار ومشروعات من هنا وهناك، ما هي إلا دوران في الحلقة المفرغة. بناء عليه، ما هي الخطوات المتبقية التي المح اليها كاتم اسرار بري الوزير علي حسن خليل؟ ففيما لا شيء في الافق يوحي باسقاط الحكومة التي تعرضت لهزات اكبر لم توقف عملها، تسأل المصادر: هل تكون الخطوة بأن يدعو بري الى جلسة تشريعية جدول اعمالها محصور جدا ومغطاة دستوريا بالنصاب في وقت ميثاقيتها مشكوك فيها؟ وعلى ماذا يراهن رئيس المجلس؟ وهل أن المهلة التي حدّدها، قصيرة لاتخاذ القرار؟ وهل يفعلها ويدعو الى جلسة في ظل غياب الأفرقاء المسيحيين؟ وان فعل هل يحضر حزب الله الجلسة؟ وماذا يفعل تيار المستقبل بعد تعهد الرئيس الحريري بعدم حضور اي جلسة لا يكون قانون الانتخاب بندا اول فيها؟ والى متى سنبقى ننتظر بين تشريع الضرورة وضرورة التشريع؟ والى متى ستبقى ساحة النجمة ساحة لتصفية الحسابات السياسية بدلا من ان تكون ساحة لانجاز الاستحقاقات؟

المؤكد هو أن الرغبة قوية لدى رئيس المجلس للدعوة الى هذه الجلسة والمؤكد ايضاً ان التباعد بين الأفرقاء السياسيين في قراءة مضمونها لا يزال قوياً.