حيث يسيطر محور الممانعة يسود الاستخدام المفرط للقوة. ليس في العراق فحسب، ولكن في باقي العواصم التي يتباهى نظام ولاية الفقيه بالسيطرة عليها.
فالقمع والاعتداء على المحتجين على الوصول الى حافة الموت جوعاً، تفصيلان هامشيان للمسألة الأساسية المتعلقة بعملاء الولايات المتحدة المطلوب اسكاتهم حتى لا يفسدوا “الارتباط بين الإيرانيين والعراقيين، الذي يزداد وثاقة يوماً بعد يوم”. وذلك لقطع الطريق على سعي “الأعداء للتفرقة بين الإيرانيين والعراقيين الذين عجزوا، ولن يكون لمؤامراتهم أثر”.
ولنا في لبنان أن نتعظ و”نقعد عاقلين”، لأننا من ضمن المحور. نشعر بمفاعيل هذا الامر الواقع، وإن بوسائل وأساليب أخرى. فالحال من بعضه، كما يقول المثل، والمعادلة هي هي. ومصادرة السيادة ثمنها إطلاق يد المحسوبين على المصادرين ليفسدوا في المال العام. وكنا سنرى مثيلاً لسفك الدماء لو ان أحد المتظاهرين وضع إصبعه على الجرح الحقيقي وهتف “إيران برا برا”. فالاشارة في عنوان “نداء الوطن” إلى أن إيران “جوا” استفزت وتتطلب الاستدعاء الى القضاء.
ونموذج وزير البيئة يحذر كل مواطن لبناني “لا يفرز” أن يسمعه صوته و”أوووعــا ينق على الدولة او أسمعه ينق على النفايات والأزمات” هو أيضاً حمال للدلالات نلمسها عن هذا الاستخدام.
واذا فتشنا في أمرنا الواقع لا نجد من أهل السلطة الا هذه الـ”أوووعــا”. فالمسؤول لا يريد أن يسمع صوت المواطن. أنكى من ذلك، يحمله وحده دون غيره مسؤولية كل الخراب الواقع على رأسه.
“أوووعــا” تغرد عن الأزمة الاقتصادية أو ارتفاع سعر صرف الدولار العشوائي أو شعور الناس بأن مدخراتهم في خطر. أو خوفهم من أن تعمد السلطة لسد عجز خزينتها من جيوبهم. أو أن تحكي عن سوء حال الكهرباء أو الانترنت المقطوع أو ارتفاع أقساط المدارس او… أو… أو.
والأهم: “أوووعــا” تسمع السلطة صوت مواطن يسأل كيف يؤثر “حزب الله” على الاقتصاد اللبناني، سواء عبر التسبب بتشنج العلاقات مع الدول الخليجية وقطع دابر سياحتها واستثماراتها في لبنان… أو عبر التدخل في الحربين السورية واليمنية واينما كان بمبررات على القياس وتوريط لبنان واقتصاده جراء هذا التدخل.. أو وضع اليد على الدولة ما أدى الى استنسابية المحاسبة والمحاصصة ورعاية الطبقة الفاسدة من السياسيين المحسوبين عليه، وفتح ملفات غير المحسوبين عليه، لمزيد من الترويض.
حينها قد يفلت الملق ويختلط حابل الخوف من خسارة المناصب والنفوذ بنابل الفلتان الأمني تغذيه مافيات الفساد الحاضرة لإبادة من يدق بمصدر رزقها. ويصبح العراق نعيماً قياساً الى ما قد يحصل عندنا.
“أووعــا”، لا تهزوا الأمر الواقع الواقف على شوار. فالقوة هي الوسيلة الوحيدة لمصادرة رأس المحور وأذرعه وأدوات صوته لإخراسه، وتحكموا بمقادير الانتقاد بحيث لا تجد السلطة نفسها مرغمة على استخدام مفرط للقوة.