توحي تصريحات قيادات “حزب الله”، وكأنها تملك مؤشرات قوية حول مؤامرة أميركية على لبنان، أو ممسكة بخيوط فتنة تحوكها السفيرة دوروثي شيّا بإيعاز من الإستخبارات المركزية الأميركية. لكنّ المقاومة الإسلامية دائماً في المرصاد، لإفشال المؤامرات الأميركية كلّها وكسر الحصار الأميركي والتنديد بـ”اللؤم والحقد (الأميركي) على اللبنانيين في معيشتهم ومالهم”، وكشفِ التمدد الأخطبوطي للأميركيين في المؤسسات الأمنية. “لا قواعد عسكرية أميركية في لبنان لكنْ، هناك حضور في المؤسسة العسكرية وهناك ضباط أميركيون في اليرزة والسفيرة الأميركية “لا تتعزّل” من هناك و”لازقة” بالجيش” قال سماحة المرشد الأعلى قبل مدة، وهو حرّ في تخيّلاته ومقارباته بشأن خضوع لبنان للإملاءات الأميركية. حرّ ويقدّس حرية التعبير.
توحي تصريحات قادة “حزب الله” أيضاً أن الحكم والحكومة خاضعان للإملاءات الأميركية ومستسلمان لمشيئة السفيرة شيّا. كلمتها “ما بتصير تنين”. ما يحتّم على الحزب فكّ تحالفاته، الآن قبل الغد، مع من نددوا باجتياح قائد المستضعفين أبو علي بوتين لأوكرانيا ومع من وسّط الأميركيين في مسألة الترسيم البحري. فليقاطع الحزب كل لبناني يقول للسفيرة الأميركية “هاللو مسز شيا”.
لمسؤولي “حزب الله” عالمهم الخاص والفريد المتماهي مع غيبيات عصية على العقل السياسي. لا أحد يعلم كيف يستقون معلوماتهم الدقيقة من داخل السفارات، فيروّجون لتمويل الولايات المتحدة مثلاً بعض المجموعات السياسية و”الثورية” وحركات المجتمع المدني. لكن كيف يتم التمويل؟ هل لدى السفارة في عوكر حساب خاص تدفع منه للشخصيات وللناشطين وللجمهور المناهض للمقاومة الإسلامية في لبنان؟ أو أنها تموّل الـ”أن جي أووويز”، على حد قول رئيس التيار العربي شاكر البرجاوي، وهي بدورها تموّل مشاريع سياسية مشبوهة؟ هل لدى الحزب اسم مجموعة سياسية واحدة قابضة “هبّوصة” من خزنة شيّا؟ رغم معلوماته الدقيقة، فالحزب لا يعلم أن المساعدات الأميركية، أيّاً كان نوعها وهدفها، تخضع لآلية شفافة تتيح للشيخ نبيل قاووق ولأي مواطن لبناني حق الوصول إليها.
والشيخ قاووق مقتنع بأن السفارات وبالأخص السعودية والأميركيّة “لها تدخّلات مسمومة من أجل تحريض جمهور المقاومة ضدها” كيف يحصل الأمر؟ هل تدخلت عوكر مثلاً مع شفيق بدر لتحريضه على صورة قاسم سليماني أو اشترت ذمم أهلنا في كفررمان لا سمح الله ولا سمح لينين؟ وبخصوص السفارة السعودية هل يذكر الشيخ قاووق آخر نشاط سعودي مسموم في لبنان؟
لو صدقت مزاعم الحصار والتدخل والفرض والإملاءات، لوجب علينا أن نصدق أن نبيل فوزي هو “سوبر مان” بذاته وأن دوروثي شيّا هي “سوبر وومن” لبنان!