IMLebanon

شمعون يحمل على حلفاء الأمس

 

لا يدقّون بابي… فلا منفعة لهم عندي

هناك في السوديكو بيت الأحرار، بيت الحزب الختيار، البالغ من العمر 62 عاماً، المبنى أكبر من الحزب ورئيسه “الريّس دوري”، وقريباً “يدق” بالتسعين من دون أن يخسر شيئاً من ألق إبن الرئيس كميل نمر شمعون. هناك حديقة مهملة، وشجر طاوله مقص التشحيل حديثاً، وحزب صامد، معاند، يحاول أن يتجدد من الداخل، ويضخ في عروقه دماً جديداً. لكن كل تجديد يحتاج إلى تمويل، وهذا ما يفتقده الحزب الشمعوني المتمسّك بمبادئه السيادية.

يبدو المقر شبه مقفر، بارد. يصل “الريس دوري” بأناقته المعهودة، وقامته الممشوقة التي لم تنل منها العقود التسعة، لا انحناءً ولا ذبولا. صورة الرئيس شمعون خلف المكتب رئيساً لا يتكرر. وعلى الرفوف والجدران صور ووثائق وعلم لبنان وكاريكاتور بريشة بيار صادق: مجد السياسة أُعطي له، أي للرئيس شمعون حصراً.

 

على فنجان قهوة، كلام من دون قفازات. فجّ، واقعي، صريح، من رجل بابه مفتوح وقلبه كذلك. سألناه كيف يقبض مخصصاته كنائب سابق؟ هل يقف بالدور كباقي المواطنين لقبض مائة دولار أسبوعياً؟

 

“لا. إطمئنوا لا مال معي أساساً لأودعه في المصرف أما مدير البنك فصاحبي يجهز لي كل شيء قبل وصولي”.

 

وكيف تعيش؟

 

“من الراتب التقاعدي”. في رأسه ذكريات كثيرة. لا بل تاريخ. نسأله عن معاملة الرئيس شمعون لولديه، أكان صارماً: ” ليش كنا نشوفو؟ السياسة أخذته منا”. وعندما تُذكر الست زلفا “تدمع عيناه”. لا ينسى الولد التسعيني أمه العظيمة.

 

وعن الرئيس شمعون والصيد يروى أن أول هدية تلقاها وكان في سن الخامسة “جفت ببوزين أطول مني” وماذا في جعبة الريّس دوري أيضاً؟

 

الرّيس شمعون ليس معه جنسية الا الجنسية اللبنانية، هو رفض الجنسية البريطانية،”لشو؟ ما بتهمني، جنسيتي اعتزّ بها”.

 

شمعون الذي يداوم في مكتبه كل يوم تقريباً، لا يلتقي أحداً من اصدقاء الامس،”فلا منفعة لهم عندي، يذهبون حيث توجد منفعة لهم، وإرث شمعون ومبادئه السياسية لا تعنيهم بشيء”.

 

لكن مواقفهم قريبة جدا من مواقفك، ان كانت ليست نفسها؟

 

يجيب بسخرية:” ربما انا انقل عنهم”، ويضيف:” شو بدن يحكوا اكثر مما انا عم احكي؟”. الغصة في قلبه، انا لم اختلف مع احد وبابي مفتوح كما تلاحظون لكنهم لا يدقّون عليه “لانو مش موفاية معن”، يتاجرون بالمبادئ مثلما يتاجرون بغيرها”.

 

اما السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد فلم تشمله بجولاتها الوداعية، هو لا يعرفها وكذلك السفير البريطاني، “من يقول لي مرحبا اقول له مرحبتين، ومن لا يفعل فالله معو، فأنا متصالح جداً مع نفسي ولا احتاج أحداً الحمد لله”، انكليزي تعلمنا، وعندي “مرا انكليزية بالبيت”.

 

وعن حكومة الرئيس حسان دياب يقول شمعون “يجب منحها فرصة، أقله ثلاثة اشهر، صحيح اني قلت سابقا ان مرشحي الرئيس سعد الحريري، لان لا احد في الساحة غيره في السابق، وكان شراً لا بدّ منه، ولو خيروني بين ثلاثة اسماء لما اخترته، ويعتقد شمعون أن الاميركيين والبريطانيين والفرنسيين لن يتركوا لبنان، فهو الساحة الوحيدة في الشرق الاوسط امامهم، ولا يريدون تسليمه لـ”حزب الله”، لم ينفضوا يدهم من لبنان والا كنا في خبر كان منذ زمن. ثم ان دياب كان استاذا في الجامعة الاميركية ولا يعقل ان يصل الى رئاسة الوزراء من دون ان يكون رجلهم بطريقة من الطرق”.

 

“كلمة المرور” عند المجتمع الدولي لمساعدة لبنان هي تنفيذ الاصلاحات قبل طلب المساعدات، والمشكلة الكبرى هي “حزب الله” حاكم البلد، صحيح انه لم يعد بالقوة نفسها لكن نحن ايضا لم يعد لدينا العصب الكافي لمواجهته. اما الثورة، فـ”شو اخبارها؟ وينها؟ يريدون التجييش، حسنا، نحن حزب صحيح ليس بحجم “حزب الله” لكننا حزب موجود وله تاريخه، ويسير أساساً على النهج الذي تحاول الثورة ان تسير عليه اليوم، ولم نحد مرة قيد انملة عن مبادئنا، منذ الاستقلال الى اليوم، فيا ايها الثوار، الم تفكروا يوماً بزيارة مقر الحزب للتشاور كيف نتساعد؟ ان اجبناكم بلا عندها “برموا ضهركم متل ما عاملين هلّأ”.

 

ويرى شمعون أن الأزمة المالية لا يتحمّلها حاكم مصرف لبنان. فهو مارس واجباته في الحفاظ على السرية المصرفية” وحاكم المركزي مش بيّاع كعك”.اما العهد، ففي نظر شمعون لم ينته اليوم، بل هو انتهى قبل ان يبدأ، ورئيس الجمهورية لن يتخلى عن كرسي الرئاسة قبل انتهاء ولايته.

 

ورفض التطرق إلى علاقته (المقطوعة) مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع “لن اتحدث عنه، سامحت ولست نادماً. مارست مسيحيتي أما المصالحة المسيحية (بين التيار والقوات) فكانت مزيفة، لم اؤمن بها سابقاً، وهما أساساً لم يتصالحا، اتفقا بين بعضهما البعض لتقاسم قالب الحلوى فقط.

 

وعن الانتخابات النيابية وما يُطرح من قوانين قال: يجب ان تحصل الإنتخابات وفق قانون غير طائفي تعتمد الدائرة الفردية، لكن الطاقم السياسي الحالي لن يضع هذا القانون، وقانون حزب الوطنيين الاحرار على اساس الدائرة الفردية جاهز، انه في الدرج، ولن اقدمه، “بيجي وقتو”.

 

هل لدى شمعون أصدقاء ثابتون في الوسط السياسي؟

 

“لدي أصدقاء غير سياسيين أما متعاطو الشأن العام فيهربون مني”.

 

وعن رأيه في الأحزاب اللبنانية التي تهرم إعترف أن”كل مؤسسة حزبية تشيخ، اذا لم تعمل بطريقة تسمح بضخ دم جديد فيها، اما موضوع الوراثة، فليست هنا المشكلة، والمؤسسة يجب ان تعيش وتستمر ومن لديه مؤهلات أهلا وسهلا، اما بالنسبة الى ابني فلا اتمنى له ان يرثني، “فكرمالو مش كرمالي”.