Site icon IMLebanon

شبهات حول اسباب رفض المجتمع الدولي لعودة النازحين

تجاوز مجلس الوزراء كل الموضوعات الخلافية ،فضبط رئيس الجمهورية ايقاع الجلسة مخرجا ارانبه في الوقت المناسب بين دعاة اعادة النازحين والمتهمين بتعويم النظام السوري، ليأتي الحل «اجر بالبور واخرى بالفلاحة» على القاعدة اللبنانية الشهيرة «دري وطنش» ،على امل ان يتم تفكيك الملف بهدوء سياسي، لما له من صواعق امنية.

فتسوية رئيس الجمهورية التي حصلت في بداية الجلسة حول ملف الكهرباء ما سحب فتيل انفجار لغمها، انعكس على ما يبدو على ملف التفاوض مع سوريا، الذي استطاع الرئيس عون حسم النقاش حوله داخل الجلسة عند حدود معينة بعدما ادلى كل طرف بدلوه غالقا الباب مواربة على «التسوية» التي ابرمت بموافقة رئيس الحكومة، بناء لما اقترحه رئيس الجمهورية، خلال اتصالات الساعات التي سبقت جلسة الحكومة والتي قضت بتولي مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم مسألة الاتصال بسوريا، ليس بصفته الامنية انما كموفد رئاسي بصلاحيات وزير، استنادا الى التجربة السابقة التي نجح فيها منذ اشهر مع الجانب السوري، وثانيا لقربه من جميع الاطراف السياسية الاساسية في البلد، بحسب ما تؤكد المصادر، خصوصا بعد «نفض» حزب الله يديه من الموضوع وعدم حماسة الامم المتحدة للعب هذا الدور.

واعتبرت المصادر ان حزب الله «اعتذر» عن تسلم ملف المفاوضات مباشرة، او لعب دور الوسيط بعدما علق اتصالاته في ملف عودة النازحين لاسباب تتعلق برفض العائدين الالتزام باداء الخدمة العسكرية وفقا للتعديلات الجديدة التي ادخلت على المرسوم الخاص بها، وثانيا نتيجة للوضع الاقليمي المهتز، مع الرفض الدولي المطلق لنقل ارهابيي «داعش» «فتح الشام» الى ادلب والرقة،  و«فرملة» قطر لمبادراتها بالتعاون مع ايران على الحدود الشرقية، رغم انها لعبت دورا اساسيا عبر «حماس» في تسليم الارهابي خالد السيد من مخيم عين الحلوة ،رغبة منها بعدم قطع خطوط التواصل مع الدولة اللبنانية، وثالثا نتيجة رفض النظام السوري للسير مجددا في مبدأ المصالحات في بعض المناطق بعدما احرز تقدما واضحا ميدانيا سمح له بقلب المعادلات.

غير ان اللافت وسط كل ذلك الموقف الدولي الذي وصل الى الجانب اللبناني بالتوتر والذي اكد ان الامم المتحدة والمجتمع الدولي لا يريان حتى الساعة ان الظروف باتت ملائمة لعودة النازحين السوريين، وان ذلك لا يمكن ان يحظى بغطاء اممي الا في حال اتمام التسوية السياسية للازمة السورية،وهو ما لا يزال بعيد المنال في ظل التجاذب الدولي الكبير الحاصل حاليا على الساحة السورية، والذي انعكس في بعض جوانبه على تراجع التقديمات من الدول المانحة فيما خص برامج دعم دول الاستقبال، رغم كا ما يقال عن دعم دولي لتوطين النازحين في لبنان استنادا الى معطيات غير دقيقة عن طلب منظمات اغاثة دولية تركيب قواعد حديدية في بعض مخيمات عرسال تمهيدا لاقامة منازل جاهزة عليها.

مصادر سياسية معنية بالملف اشارت الى ان لبنان عندما فتح ابوابه واستقبل النازحين لضرورات انسانية لم يتفاوض مع الحكومة السورية ولا مع الامم المتحدة في الالية، وهو ما يصعب اليوم قرار اعادتهم الى بلادهم، من هنا من غير مقبول التعاطي مع عودتهم بالطريقة نفسها ،حيث المطلوب اليوم وبالحاح التشاور مع الدول الصديقة المهتمة بأمن لبنان واستقراره لمعاونته من اجل ترجمة قراره على ارض الواقع، بعيدا عن صراع المحاور في المنطقة، وهو ما تجلى بوضوح في السجالات الحادة بين وزراء حكومة «استعادة الثقة» في جلسة مجلس الوزراء الاربعاء، ملمحة الى توافر معلومات عن قرار سوري بالعودة إلى المشهد اللبناني ومن خلاله إلى المشهد الدولي من بوابة أزمة النازحين السوريين، بهدف الضغط على الحكومة اللبنانية لإقامة حوار مع الحكومة السورية، وبالتالي، فإن التوتّر على هذا الصعيد سيستمرّ في المرحلة المقبلة، كاشفة ان ملف النازحين وإن بات يشكل عبئاً على اللبنانيين، فإنه يبقى في عهدة الأمم المتحدة التي يجب عليها، المبادرة إلى اتخاذ كل ما يلزم من أجل توفير الرعاية المطلوبة للنازحين في لبنان، وتأمين عودتهم إلى بلادهم مهما اشتدت الضغوطات.

بعيدا من الاجراءات العملية والخطط والآليات المقترحة والممكن ان تطرح في شأن اعادة النازحين السوريين الى بلادهم، بعدما اقترنت التوقعات بالوقائع ازاء الخطر الذي يشكله استمرار وجودهم في لبنان، في ضوء ما تكشفت عنه التحقيقات مع عدد كبير من الموقوفين من بينهم اخيراً، لم يعد السؤال مطروحا حول كيفية العودة، بقدر ما تزداد الشكوك حول الاهداف المبطنة من المماطلة المقصودة في حسم القرار ومحاولات ربطه بمسار التسوية السياسية الدولية للمنطقة.

امام كل هذه الوقائع، هل يذهب المنقسمون نحو تسوية تشمل عرسال وجردها وملف النزوح في لبنان تقي الجميع الشر المنتظر؟