Site icon IMLebanon

في اليوم العالمي لمتلازمة داون… فراس يحتفل في حضانة الأطفال

 

لا ذنب لفراس ذي السنوات الثلاث ونصف، سوى انه ولد مصاباً بمتلازمة داون، كان صعباً على والدته عبير ان تجد له حضانه تحتضنه اثناء غيابها، فكل حضانات النبطية رفضت إستقباله فقط لانه “مختلف”. بحثت كثيراً عن حضانة تؤمن فيها ابنها وتدمجه مع اقرانه الاطفال الى أن عثرت اخيراً على حضانة “الوان” في بلدة كفررمان وقد قررت استقباله وخوض تجربة الدمج من الطفولة، على امل ان يصبح القانون نافذاً ويطبق في كل الحضانات والمدارس والثانويات.

 

شاءت الصدف، ان يصادف اليوم العالمي لمتلازمة داون مع عيد الام، والصدفة الأكبر، ان فراس إحتفل بيومه العالمي مع اطفال الحضانة، وقد رقصوا وغنوا ولعبوا معاً. ففراس يشبههم، ولا فرق بينه وبينهم سوى انهم من ذوي الهمم القوية المختلفين والمبدعين الذين يشقون طريقهم نحو الحياة بثقة وثبات… وفراس واحد من هؤلاء ..

 

عبير احتفلت بعيدها وبيوم ابنها في الحضانة، طامحة ان تتغير نظرة المجتمع لمن هم مختلفون، عبر تجربة ابنها مع اصدقائه الاطفال داخل الحضانة، ويكون الدافع لتطبيق الدمج.

 

بضحكته الطفولية كان فراس يلعب مع رفاقه، يحبونه كثيراً تقول معلمته ربى ضاهر وهي تدربه على اللعب والرسم والغناء. انها تجربتها الاولى مع طفل من متلازمة داون، تقول “علمنا الحب، فراس اختلافه مميز، وبتميزه كان متألقاً معنا، رفاقه أحبوه لانه يعدي حباً وحناناً وطاقة ايجابية داخل الصف”.

 

على عاتقها اخذت مديرة حضانة “الوان” الامر، قررت الدخول في تحد فريد، دمج فراس برفاقه الاطفال، في خطوة جريئة قد تدفع بقانون الدمج ان يسلك طريقه للتطبيق…

 

لم يكن سهلا على عبير ان تجد من يحضن طفلها المدلل، وقد تدربت على كل ما يلزم لتطور ابنها وتجعله رائدا في المستقبل، تقول إنها تطمح ان يحظى فراس وكل الاطفال امثاله بفرصة في الحياة، فهم اشخاص هادئون، اذكياء، يتعلمون بسرعة، ربما يحتاجون رعاية خاصة، ولكن وضعهم مع الاطفال الأصحاء، يعزز ثقتهم بنفسهم ويشعرون أنهم جزء من المجتمع”.

 

وتضيف “لأجل فراس أدرس التربية المختصة لأكون مواكبة له في كل مراحله، وليكون طفلاً ذكياً لا يختلف عن غيره”. ترفض ان تسجل ابنها في مدرسة مختصة،”فلماذا يفترض عزلهم وتهميشهم؟ فهم مبدعون وأذكياء، ذنبهم الوحيد انهم ولدوا من ذوي الهمم القوية”، وتطمح ان يبدأ قانون الدمج سريعاً وتسقط دونية النظرة تجاه هذه الشريحة من الناس.

 

بين رفاقه الاطفال إحتفل فراس باليوم العالمي لمتلازمة داون، اذ هي المرة الاولى التي يحظى هؤلاء الاطفال بمن يؤمن بدمجهم في الحضانات، وفراس واحد من هؤلاء المحظوظين، اذ وجد حضانة آمنت بذكائه وقدراته واستقبلته ليمارس حقه مثل اي طفل، وفتحت مديرة “الوان” المربية فايزة قانصو جناحي الحضانة ليلتحق بالاطفال، قائلة: “القرار كان جريئا وفيه مخاطرة، ولكن فراس لا يختلف عن باقي الاطفال، بل هو هادئ، ذكي، مرح، يتجاوب بسرعة مع المعلمة”.

 

وتلفت الى انها الحضانة الوحيدة التي بدأت نظام الدمج بين الاسوياء وأصحاب الهمم القوية، على امل ان يطبق قانون الدمج في كل المدارس، لأنهم يستحقون الفرصة والدعم…

 

عادة ما يلتحق ذوو الهمم بمراكز متخصصة، تقدم لهم الرعاية، فالنظام التربوي اللبناني، لم يدخل قانون الدمج حيز التنفيذ، ولم يفرض على المدارس ان تجهز نفسها لتستقبل هذه الفئة المهمشة من المجتمع، غير انه بكسر هذا الحاجز وتقديم نماذج ناجحة عن الدمج، يصبح الامر سهلاً، ويطيح فكرة “هم مختلفون عنا”، ليطرح فكرة “مختلفون مبدعون، نبدع معاً”. وهذا ما تجهد المربية فايزة لإيصاله، ان يصبح الدمج قانوناً وليس علاقة على الحائط.

 

في لبنان لم يحظ يوماً ذوو الهمم القوية بحقهم، لم يتم إدخالهم في المدارس والجامعات، وبقوا على الهامش، فإلى متى يبقى طريق الدمج مقطوعاً امام من هم مختلفون ولكن مبدعون؟ ومتى يسقط القناع عن مقولة “ما بيشبهونا” ويحل مكانها “سوا منكمل الطريق”؟