فشلت دزينة من الزعران في حرف تظاهرة السبت عن مسارها الحضاري – السلمي والديموقراطي، على رغم ممارسة هؤلاء السلبية التي كانت تستهدف اكثر من مئتي الف انسان حركتهم مطالب سياسية وحياتية لا تضاهى لكثرة ممارسات السلطة التي طال غيابها عن مسرح الاحداث لكثرة انشغالها بالمصالح الخاصة التي جعلت من الدولة شبه مزرعة يبحث اصحابها عما يصب في جيوبهم من فوائد يحجبونها عن الشعب المسكين الذي اوكل اليهم قيادة شؤونه وشجونه بلا طائل (…)
لقد ظهر الغوغاء بابشع صورة بعد الاعلان عن نهاية التظاهرة وتعليق الحراك الشعبي الى غد الثلاثاء كفرصة اخيرة لفهم ما اراده المتظاهرون من اروع حراك وطني وحضاري في تاريخ لبنان القديم والحديث حيث لم تسجل ضربة كف على مدى ثماني ساعات جاب خلالها المتظاهرون شوارع وطرقات من غير ان تسجل عليهم مخالفة واحدة تسمح بتدخل قوى الامن التي تحملت على اعصابها ممارسات الزعران الذين كانوا يهدفون الى اشعال فتنة واظهار الجمع البشري الهائل وكأنه من الذين نفذوا بعض اعمال قطاع الطرق قبل ان تلاحقهم القوى الامنية وتعتقل بعضهم بعد مطاردات في مكان تجمع المتظاهرين! لقد قيل بداية ان المتظاهرين مجموعة خراف ليس من بوسعه ان يحقق لهم مطلبا واحدا على رغم احقية ما اثاروه كأمور وملفات ملحة من المستحيل على احد ان لا يقر بها (…) اما موضوع الخراف فعائد الى ان من في السلطة لا يهتمون بالحراك السلمي – الحضاري الا في حال سقط ضحايا وحصول حوادث سرقة ونهب وتحطيم محلات تجارية، اسوة بما كان يحدث في الدول التي شهدت ثورات شعبية لكن مقولة الخراف انتفت جراء رقي المتظاهرين الذين ظهروا في مشهد حضاري غير مسبوق باستثناء ما حصل في 14 اذار 2005 يوم طرد المحتل السوري بهدوء لم يعكره حادث واحد؟! هذه الحضارة في التظاهرة، هي التي ستجبر السلطة على ان تنزل الى الارض وتنفذ لائحة المطالب التي اثارها المتظاهرون بطريقة راقية وحضارية، كي لا تتطور الامور الى ما كانت «دزينة الزعران» تهدف اليه لافهام الدولة ان عليها ان تكون دولة بكل ما تعنيه الكلمة من معان دستورية وقانونية، لاسيما ان طلب انتخاب رئيس للجمهورية قد تصدر لائحة المطالب، مع العلم ان طلب ازاحة ملف النفايات عن كاهل الشعب يبدو اكثر الحاحا مثله مثل ملف الكهرباء التي تحولت الى امنية لدى متوسطي الحال والفقراء! وفي المقابل، لا بد وان تقارن تظاهرة التيار العوني يوم الجمعة المقبل بما سبقها في بيروت ومختلف دول العالم حيث الانتشار اللبناني فهم وجع المقيمين بنسبة ما فهمه اللبنانيون في سوادهم الاعظم. لذا، ثمة من يتوقع ما يشبه الفضيحة الشعبية في حال كانت مظاهرات الجمعة في اعداد هزيلة كما هو مرتقب، قياسا على نوعية شعبية الجنرال، الا في حال سانده حليفه حزب الله الذي بمقدوره انزال مئة الف متظاهر ساعة اراد ذلك، قياسا على ما كان يحصل في المناسبات التي تطلق عليها تسمية من يؤيد 8 اذار بصورة غير صحيحة، ليس لان ناس حزب الله غير معترين بل لانه قادر على ان يأمر الطائفة الشيعية عندما يحلو له ذلك! هذا المشهد مستبعد كي لا يقال ان الحزب يرغب في تجيير سمعته الشعبية لمصلحة غير مصلحته، فيما سيكون التيار العوني منفردا في حراكه، والادلة على ذلك ما حصل قبل زهاء شهر عندما تظاهر العونيون بالعشرات يوم كان لهم مطلب تعيين قائد للجيش بذريعة اللعب بآلية عمل مجلس الوزراء وقد انتهت تلك المناسبة من غير تأثير ولا ردة فعل بدليل عدم ترجمة ما قصده رئيس التيار العماد المتقاعد ميشال عون! المهم ليس المشهد الذي سيبدو فيه العونيون بل الى ماذا ستنتهي اليه تظاهرة اول امس السبت من حيث ترجمة مطالبها ليس لانها محقة بل لان استعدادات انتخاب رئيس جمهورية ومعالجة ملفي النفايات والكهرباء من الصعوبة بمكان البت بها نـظرا لان النية ان وجدت فان الوقت لا ولن يسمح بانجاز اي منها، باستثناء انتخابات رئيس الجمهورية التي قد لا تجيز لبعض من قاطعها ان يغير وجهة نظره حيالها مهما بلغ تعداد المطالبين من المتظاهرين حيث لا ارادة بذلك عند اصحاب العلاقة وفي مقدم هؤلاء العماد المتقاعد ميشال عون وحزب الله! من هنا لا بد من توقع المزيد من الحراك الشعبي وباعداد تتجاوز ما كان عليه يوم السبت، طالما ان المهلة الزمنية لا تسمح بمعالجة ملف واحد من الشؤون والقضايا المطلبية التي اثيرت في التظاهرة، ولا في حال كان رد فعل السلطة المحصورة بمجلس الوزراء الاستقالة من مهامها وتعليق المطالب في هواء من ليس في وسعه ان يفعل شيئا في زمن قياسي من النوع الذي حدده المتظاهرون؟! الفرد النوار