«الوعي ثم الوعي ثم الوعي لمواجهة كورونا وتداعياته في لبنان»
قالها المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس اوهانوم غيبريسوس للعالم أجمع الذي يعاني من جائحة كورونا «test «test, test، كان ذلك في آذار الماضي، وعلى «اللبناني» نقول: «الوعي ثم الوعي ثم الوعي». وهذا ما طالب به رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي في حديثه لـ«اللواء» عن التطورات التي سجلت على صعيد الإصابات الجديدة لفيروس «كورونا». كان النائب عراجي أول من حذر من تفلت الأوضاع وانعكاس استهتار المواطنين، وها هو يدعو اليوم الى الالتزام بالإجراءات وتطبيق عقوبات مشددة على المخالفين.
ماذا جرى حتى عاد لبنان الى نقطة الصفر في انتشار العدوى؟ يجيب عراجي ان «قرارات التعبئة العامة كانت جيدة والتزم بها البعض الى حد كبير الى حين خروج عدد من المواطنين عن مبادئ الالتزام بالارشادات التي اعلنتها وزارتا الصحة والداخلية»، ويضيف: «حصلت تجمعات من دون ارتداء كمامات وهذا الموضوع المتصل بالكمامات كان اول توصية صادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنظمات مراقبة صحية اخرى وذلك الى حين ايجاد اللقاح اللازم»، لافتا الى انه «حتى التباعد الاجتماعي خرق».
واذ يشير الى ان «بعض الوافدين من الخارج من اللبنانيين لم يلتزموا بالحجر في منازلهم»، يرى ان «البعض الآخر توجه فورا الى الحجر متجاوبا مع ما طلب منه»، مشيرا الى انه «كان من الأفضل تخصيص أماكن عزل فورية في مدارس او فنادق، ولا سيما ان الرهان على وعي هؤلاء اثبت فشله فتعاطى البعض باستخفاف وكذب وقام بزيارات في المساء وقدم معلومات كاذبة اثناء المحادثة عبر الهاتف».
وهنا يشدد على انه في موضوع مواجهة الوباء «لا يمكن الاعتماد على إجراءات الدولة فحسب بل هناك مسؤولة مجتمعية تفرض على الجميع التحلي بالوعي». ويقر بأن «بعض البلديات لم يلعب الدور اللازم في تتبع الحالات والتشدد في المراقبة وان هناك مواطنين اظهرت نتائج فحوصاتهم انها ايجابية استهتروا بالسلامة العامة».
ويبدي النائب عراجي تخوفه مما يمكن اعتباره بتفشي مجتمعي، ويشير الى «الفحوصات وحدها كفيلة برسم معالم مرحلة الإقفال ان لجهة التمديد او التشدد او حتى اعادة النظر بفتح القطاعات في المراحل المقبلة»، مشيرا الى انه «اذا كان المعدل فاق الواحد او اكثر في المئة وذلك في الأيام المتبقية من قرار الإقفال فإن ذلك يعني ان شخصا واحدا قد ينقل العدوى الى اكثر من واحد معلنا انه عندما يصل الى اربعة فهذا يعني تفشياً بالكامل».
بين المدارس وعودة المغتربين
ويدعو عراجي الى عدم فتح المدارس، كاشفا انه أبلغ وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب بهواجسه في هذا المجال، مشيرا من جهة ثانية الى انه «لا يمكن وقف عودة اللبنانيين من الخارج وهم يعانون ما يعانوه لكن المطلوب منهم الوقاية والالتزام بالارشادات المطلوبة».
وبسؤاله عما اذا كان فتح القطاعات خطأ يلفت الى انه «عندما قررت الحكومة ذلك كان التعويل على وعي الناس لكن بعضهم تهافت الى المصارف والى السوبرماركت والى التجمعات في حين كان مطلوبا المساعدة على مواصلة العمل في ظل الوضع الاقتصادي الصعب».
ويكشف ان «الدراسات التي قدمت في لجنة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية أظهرت ان اكثر من 50 بالمئة من اللبنانيين أصبحوا عاطلين عن العمل كما ان نسبة الفقر تجاوزت الـ70 في المئة فضلا عن تقاضي الموظفين نصف الرواتب بدوام كامل».
ويتحدث عن انعكاسات كورونا على الوضع الاقتصادي العالمي والمؤشرات المخيفة لمعدلات البطالة، مشيراً الى ان «فتح القطاعات هي لجعل الناس تسترزق انما ضمن شروط الوقاية والتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات».
نعم للإقفال العام.. إذا
ويؤيد عراجي «الإقفال العام التام والشامل اذا استفحلت الأمور مع استثناءات معينة، وان تسعى وزارة الداخلية الى تسطير محاضر ضبط بحق المخالفين من اصحاب المحلات الكبرى وفرض عقوبات صارمة اي اقفالها وجعلها تدفع غرامات مالية مرتفعة اذا خالفت قرارات التعبئة وتلاعبت بالأسعار في الظروف الحالية».
ويقول ان «الوباء لن ينتهي الا باللقاح»، ويشير الى ان «المطلوب كأمر اساسي هو الحجر الجماعي للقادمين من الخارج ضمن المرحلة الثالثة من فتح القطاعات وعدم الإعتماد على وعي الناس واجراء اكبر عدد من الفحوصات والتوجة الى المستشفيات بسرعة عند ظهور ايجابية في فحوصات الـPCR».
واذ يؤكد ان «القطاع الاستشفائي في لبنان هو مثالي، لكنه «غير مهيأ للأوبئة»، ملاحظا انه «في الأشهر الثلاثة الماضية جهزت المستشفيات لكن اي خطر في التفشي لا يعتقدن احد انهم سيجدون مكانا لهم فيها ولذلك لا مجال الا بعدم الاستهتار متوقفا عند انهيار النظام الصحي في الدول العالمية المتحضرة».
ويوضح انه «ما لم تتخذ التدابير الرادعة والفورية من قبل الأجهزة المعنية فإن الانهيار يصبح قريبا وتحذير وزيري الداخلية والصحة في مكانهما»، داعيا الى مواكبة قرارات الحكومة في هذا المجال.
مناعة القطيع
وعما يعرف بالـherd immunity الذي اتبعته بعض الدول ولا سيما السويد، فيرى عراجي ان «هناك كلاما متناقضا في ما خص هذا النموذج المتبع لمواجهة فيروس كورونا وهناك دراسات اجريت في بعض الدول ولا سيما اسبانيا عن ان فحص المناعة او ما يعرف بالـIGG لعدد من المواطنين بينت ان 11 في المئة منهم يتمتعون بالمناعة».
ويؤكد انه «حتى الآن لم يصدر تعميم لاعتماد الـherd immunity لا سيما من قبل منظمة الصحة العالمية مؤكدا ان لبنان يتقيد بجميع توصياتها ملاحظا انه في السويد اعتمد لكنه عندما يطلب من مواطنيها ارتداء الكمامة واللجوء الى مسافة متر او مترين يكون الإلتزام بشكل كامل».
ويرى ان «من أصيب بكورونا معرض للإصابة مرة اخرى ومن هنا لا بد من توخي الحذر»، مشيرا الى «نمط الحياة في العالم تبدل بفعل هذه الجائحة».
للتعاون وتنسيق الجهود
الى ذلك تؤكد مصادر وزارية لصحيفة «اللواء» ان «متابعة تطورات كورونا تشكل الأولوية في هذه المرحلة، والأيام المقبلة ستقدم انطباعا عن الخطط التي تعتمد او الخيارات التي يسلكها الموضوع ودائما تحت عنوان التعبئة العامة على ان اي إجراءات جديدة من شأنها ان تصدر سيتم توضيحها كي يكون المواطنون على بيّنة منها»، مشيرة الى انه «لا يمكن التكهن بالخيارات التي يلجأ اليها المعنيون لكن بالطبع المستجدات التي طرأت تحتم التفكير من جديد بخطوات اكثر ردعا وتشددا ايضا فضلا عن التفكير اكثر بمراكز الحجر الصحي الجاهزة ولم تستخدم خصوصا للقادمين من الخارج كما للمخالطين من القادمين».
وتقول ان «الوقت لا يزال يسمح بالمعالجة لكن المطلوب التعاون من الجميع والا تضيع جهود الدولة في احتواء الوباء وعندها قد لا يكون هناك من يخبر».