IMLebanon

ينعاد عليك «يا حكيم»  

 

عامان على اتفاق معراب التاريخي، لا يُنكر إلا جاحدٌ فضل رئيس حزب القوات اللبنانيّة الدكتور سمير جعجع في إنقاذ الدولة اللبنانيّة من الفراغ الرئاسي الذي شلّها لمدّة عامين عندما سحب ترشيحه للرئاسة وسار بالجنرال ميشال عون مرشّحاً للرئاسة، لا يُقدم على التضحية الكبرى بالمصلحة الذاتيّة إلا الرّجال الكبار، ولا يُنكر إلا جاحد فضل الدكتور سمير جعجع في إنقاذ المسيحيين من تشرذمهم وانقساماتهم الدمويّة فختم جرحاً نازفاً منذ ما يقارب ثلاثة عقود، «شكراً يا حكيم».

 

اتفاق معراب كان مطلباً وطنياً قبل أن يكون مطلباً مسيحيّاً، إذا كان مسيحيّو لبنان بخير فلبنان ومسلميه أيضاً بخير، لم تتمكّن وصاية الاحتلال السوري من وضع يدها على لبنان إلا بعد تدمير المسيحيين لقوتهم الذاتيّة في الدّفاع عن لبنان، لقد شكّل اللبنانيّون المسيحيّون الدّرع الحامي للبنان عبر مقاومتهم اللبنانيّة من أن يصبح وطناً بديلاً يُهجّر مسيحيّوه أولاً، ويطرد مسلموه لاحقاً، وفي هذه أيضاً للدكتور سمير جعجع فضلٌ لا يُنكره إلا جاحد!

في الذكرى الأولى لاتفاق معراب العام الماضي أعلن الدكتور سمير جعجع أنّه «لا أعمل من اجل الرئاسة»، وهذه الجملة منتهى «الصدقيّة»، فالمتتبّع لمسار الرّجل وسيرورته يلمس أنّ الرئاسة ليست هدفاً ـ هكذا كتبنا العام الماضي ـ قد تكون ممرّاً لتحقيق غايته الفضلى في إيجاد وطن على مستوى فلسفته السياسيّة، الرَّجُل أقرب إلى أن يكون مفكّراً أو مصلحاً سياسيّاً يُنظّر لفكرة الوطن السامية بالرئاسة ومن دونها، ومنذ 18 كانون الثاني العام 2016 ما يزال سمير جعجع والقوات اللبنانيّة هدفاً لكلّ أنواع الاستهداف، باختصار شديد ـ قناعتنا الشخصيّة ـ أنّه إذا سقطت القوات اللبنانيّة سقط لبنان، هذا ما خبره اللبنانيون طوال أحد عشر عاماً زجّ فيها بقائدها بالسّجن ظنّاً من الوصاية أنّ إلغاء الرّجل وقهره سينهي القوات اللبنانيّة وقد أثبت التاريخ عكس هذه النظريّة وسذاجتها!

وبالرّغم من كلّ العواصف العاتية التي تهبّ على لبنان منذ عامين وحتى اليوم، يُثبت خيار «اتفاق معراب» أنّه «خلاص لبنان»، بصرف النّظر عن كلّ الهزّات التي تعرّض لها، وكل الأزمات التي قد نشهدها بفعل التحالفات الإنتخابيّة، للمناسبة نذكّر هنا أنّ الحال الانتخابي ـ إن جرت الانتخابات في أيار المقبل ـ سيشبه حال الانتخابات البلديّة التي جرت بُعيد اتفاق معراب، التحالفات تحكمها الحسابات والمصالح الانتخابيّة، وهذا الاتفاق التاريخي فوق الاثنتيْن، لذا لا نقلق على صمود هذا الاتفاق، مثلما لا نقلق أيضاً على التحالف التاريخي الصلب في معادلة سعد الحريري ـ سمير جعجع، بالرّغم من كلّ الأزمات العابرة القويّة منها والضعيفة.

مبادرة معراب التي حلّت أمس الذكرى الثانية على إعلانها أنقذت حقيقةً الوجود المسيحي من فقدان دوره التاريخي وأنقذ في طريقه الطوائف أخرى الكبرى والصغرى منها من محاولة تغيير هويّة لبنان العربيّة، شفاء المسيحيين من صراعاتهم شفاء ومناعة للبنان، وحده الوجود المسيحي المنيع، وأقول هذا كمسلمة، هو الحماية الحقيقيّة للبنان وهويّته اللبنانيّة والعربيّة حتى لو فتحت إيران الدولة القمعية الاستبداديّة الإرهابيّة ألف فرع لجامعة «آزاد» الفارسية الشيعيّة ـ آزاد وللمفارقة تعني «حرّ(ة)» وهي في اللغات الكردية والأرمنية والهندية والبندوستانية تعني المعنى ذاته ـ في لبنان، فستبقى عاجزة عن تغيير هويّة لبنان وعن إتلاف نسيجه الوطني الفريد، وينعاد عليك يا حكيم لبنان.