“سياسة متأنية” ينتهجها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في الوقت الحاضر. يعطي فترة سماح للحكومة مقدماً لها اقتراحات عملية يمكن أن تقود إلى وقف تدهور الأوضاع، وإلا كانت الانتخابات المبكرة إجراء لا بد منه. “ومن دون حساسيات أيديولوجية أو شخصية ولا مناطقية” رد على اقتراح الأمين العام لـ”حزب الله” بتفاهم الموالاة والمعارضة إنقاذاً للبلد، باقتراح في المقابل إلى “حزب الله الوحيد القادر على المساعدة”.
واذا كان لـ”حزب الله” الحصة الأكبر والأهم من حديث جعجع غير أن رسائله توزعت في أكثر من اتجاه، من دون أن يفوته الحديث عن الانتفاضة “التي باتت واقعاً لم يعد ممكناً انكاره، وهي النقطة الوحيدة المضيئة والتي فتحت باب أمل نحو المستقبل”، وبفضل الانتفاضة “صرنا وللمرة الاولى أمام حكومة من الاختصاصيين ولو كان فيها بعض المستشارين”.
المعنويات صعبة
رغم كل ما نعيشه ونعانيه “من ظروف ومعنويات صعبة فإن القدرة على الانقاذ لا تزال متوافرة لدينا”، يقول رئيس حزب “القوات”، مستهلاً جلسة مصارحة مع الإعلاميين تحولت الى جلسة نقاش، برّر فيها سياسة “القوات” وخطواتها من المشاركة في جلسة الثقة وحجبها عن الحكومة، إلى اعطاء فرصة للحكومة الحالية.
خلافاً لكل المتشائمين، لجعجع وجهة نظر تقول: “بالرغم من كل أزماتنا الحالية لا نزال نملك، وعلى عكس ما يظن الكثيرون، مكتسبات تخولنا تحقيق قفزة نوعية نحو الإنقاذ وفي ظرف زمني بسيط اذا ما توافرت النية لذلك”، ويركز على “أصول الدولة التي لا تزال موجودة اذا ما تمت الاستفادة منها يمكن ان تقلب الميزان المالي للدولة وتغير مسار الامور”، ولكن “هذا يستلزم ادارة سليمة للدولة”.
ولذا جاء موقف “القوات” من الحكومة “ليناً”. ولو لم يعط “الثقة اعتراضاً على طريقة تشكيل الحكومة التي ولّدت خيبة”، وعارض البيان الوزاري الذي كان “يمكن أن يكون عبارة عن سطرين أو ثلاثة بدل بنوده المطولة”. بداية “لا تبشر بالخير لكن الأمل لا يزال موجوداً بأن تقدم هذه الحكومة على خطوات توقف الانهيار”.
وبدلاً من “النظريات التي يطرحها البعض ومن بينها الهيركات”. وهي طروحات غير مقبولة على الاطلاق، إقترح جعجع على الحكومة مجموعة خطوات “إنقاذية” لإثبات جديتها في المعالجة وتحررها من التبعية للداخل أو الخارج. وإلا كان “مستحيلاً أن نكون ايجابيين قبل أن تحقق الحكومة خطوات جدية وتضبط وضع دولة أشبه بـ”سلة مفخوتة”، ومن هذه الخطوات:
التخلص من فائض الموظفين في الإدارة مما لا عمل لهم، ضبط المعابر غير الشرعية، وليس الاستراتيجية (طالما تثير حساسية)، تعيين هيئة ناظمة للإتصالات طبقاً للقانون، ومجلس إدارة جديد لكهرباء لبنان”.
ومن المصادر “الممكنة للتمويل من دون ترتيب خسائر، الاستفادة من القطاعات الحيوية التي لا تزال تدر اموالاً على الدولة مثل قطاع الاتصالات والمرفأ وكازينو لبنان والميدل ايست. يمكن للحكومة أن تستجلب شركات دولية وفق دفاتر شروط معينة لإدارة هذه المؤسسات كي نحقق أرباحاً مضاعفة، ثم نحولها الى شركات مساهمة بعد ان يتم تصحيح وضعها”.
تنفيذ هذه الخطوات “البسيطة” قبل “اتخاذ الاجراءات المؤلمة على المواطنين” دليل “على صدق النوايا”. على ان الشرط لتحقيق كل ما تقدم هو”توافر الإرادة السياسية وتخطي العقبات والا عبثاً يكون البحث عن وسائل للإنقاذ لا تزال متوافرة”.
الرد على نصرالله
وضع جعجع كلام السيد نصرالله حول ضرورة التفاهم بين الموالاة والمعارضة لإنقاذ البلد، في إطار “التهرب من المسؤولية لأن الحكومة مسؤولة ولديها كل مقومات النجاح اذا ارادت”، غير أن أكثر من بإمكانه مساعدة الحكومة اليوم هو “حزب الله والسيد حسن نصرالله” ومن خلال الخطوات التالية: رفع الغطاء عن حلفائه الذين كان فسادهم سبباً لما وصلنا إليه، الانسحاب من كل مشاكل المنطقة من اليمن الى العراق وسوريا حيث كان لتدخله تأثيره السلبي على الاقتصاد المالي وعلى حجب المساعدات عن لبنان، واستعادة الدولة مصداقيتها وقرارها الأمني والعسكري ما يكسبها المصداقية.
الانتخابات المبكرة
يؤيد الانتخابات النيابية المبكرة، إلا في حال تمكنت الحكومة من أن تخطو خطوات انقاذية فحينها يمكن ارجاء الخطوة بعض الوقت، لكن “اذا فشلت فسنكون حينها أمام حائط مسدود لا يخرقة الا انتخابات مبكرة على اساس القانون الحالي الذي أقر بعد التوافق بشأنه، والمنطق لا يقول بتغيير القانون عند كل انتخابات”، فضلاً عن ان طرح قانون جديد من شأنه ان يؤخر العملية الانتخابية برمتها.
العلاقة مع الحريري
خلافاً للعادة، لم يتصل جعجع بالرئيس سعد الحريري في ذكرى إغتيال والده، وبينما كان يعول “المستقبل” على تمثيل رفيع لـ”القوات” يتمثل في حضور جعجع نفسه أو زوجته نيابة عنه، أرسل وفداً قواتياً من تسعة وزراء سابقين ونواب حاليين. خطوة تحفظ عليها “المستقبل” فلم تأت تحيته لـ”القوات” بحرارة تلك التي وجهت الى رئيس “التقدمي” وليد جنبلاط. يعترف جعجع بأن “القوات” غير متفقة في الوقت الحاضر مع “المستقبل”: “ما يفرقنا هو التفاهم على كل شيء، على طريقة إدارة الدولة”، خطاب رئيس الحكومة سعد الحريري “كان جيداً غير أن العبرة في التنفيذ وليبارك الله له بوليد جنبلاط، ونحن أصدقاء وبشكل دائم وسنبقى لكن إلى أي مدى سنتعاون؟ لا يمكن أن نضحك على بعض ولكن سنحاول تذليل العقبات”، معللاً عدم حضور زوجته بالقول: “بالفعل كانت بوادر المشاركة لولا أسباب صحية وقد أرسلنا وفداً من تسعة محازبين”، أما لماذا لم يشارك شخصياً فهذه خطوة “لها اعتباراتها الشخصية”.
بالنسبة إليه فان الجهة الوحيدة التي يمكن للحريري “أن يحط يده بيدها هي القوات اللبنانية لماذا؟ لان جنبلاط “لا يريد أن يذهب بعيداً”.
الجيش خط احمر
الخط الاحمر الوحيد بالنسبة الى “القوات” هو الجيش وقوى الامن الداخلي. أما الموقف من اسقاط رئيس الجمهورية فهذه خطوة لها حساباتها الخاصة والتي تجعل فتح هذا الملف غير ممكن حالياً وإلا ما البديل؟