هل أنقذت المنطقة من جنون الفلتان الأمني!؟
على قاعدة إصطياد الثغرات، يمضي محافظ النبطية بالتكليف الدكتور حسن فقيه في معالجة الملف الامني في قرى النبطية. أدرك باكراً ان ازمة البنزين خطيرة، وقد تجرّ الى ما لا يحمد عقباه، فالإشكالات المتنقلة والخطيرة التي سادت بعض القرى والعديد من المحطات، دفعته ليضرب بيد من حديد، متّخذاً قرارات جريئة لا يجرؤ على اتخاذها أي كان. شمّع محطات، أوقف أفراداً متورطين بالاشكالات، حلحل بعض جيوب الفتنة داخل البيت الواحد. فهو يرى ان ضبط الامن استقرار للقرى، وفلتانه ضياع لها. من هنا أطلق خطة ثلاثية الابعاد في شهر حزيران الفائت قضت بتقسيم القرى جغرافياً، اعتماد نظام البونات وإيقاف الخط العسكري على المحطات. ثلاثية يدرك أنها تعالج الوضع في المرحلة الراهنة، وإن كانت لها ارتدادات سلبية على ابناء القرى لناحية تقسيمها وحصر التعبئة بأبنائها فقط. غير انه يؤكد ان “لا مهرب من هذا الحل كي نتفادى مزيداً من الإشكالات المسلحة التي سادت عدداً لا بأس به من محطات النبطية الكبرى، من بينها “توتال”ـ تول التي سقط عليها العديد من الجرحى نتيجة الهمجية، “كورال” ـ النبطية التي سيطرت عليها العائلية والخوات وكادت ان تشعل معارك طاحنة، وجبل عامل ـ حبوش التي شهدت اعنف معارك السيطرة على المازوت المخزّن، وفاق الـ20 ألف ليتر، وغيرها الكثير من المحطات التي وضعت أمن النبطية على المحك”.
في مكتبه في سراي النبطية الحكومي، يتابع فقيه الملفات الامنية اليومية وتحديداً ملف البنزين، على اعتبار انه الاولوية هذه الايام، ويُعتبر مثابة “فتيل الإنفجار” في اي لحظة، يجري إتصالاته بالقرى التي بدأت تطبيق خطة البونات والمنصّة لتنظيم تعبئة البنزين، يتابع مع البلديات التي ما زالت متعثرة هذا الملف، يحاول ان يشركها والجهاز التطوعي في ملف تنظيمه لأن القوى الامنية أُنهكت ولم تعد قادرة على حل كل الإشكالات وضبطها، فهي ليست “غبّ الطلب” على الدوام، فالدركي برأيه يعاني مثله مثل اي مواطن، وينتظر “بالدور” ليتزوّد بالبنزين، ناهيك عن أن معاشه “صفر”، وهذا بحدّ ذاته دفعنا لنخفّف الضغط عنه عبر المواكبة البلدية للتنظيم.
يعتبر السوق السوداء المستفحل أحد أوجه الخلل الامني في المنطقة، وأن “زعران هذا السوق” هم من يتسبّبون بالاشكالات ويهدّدون السلم الاهلي، فهؤلاء خارجون عن السيطرة، وأسهمت الفوضى على المحطات والخطوط العسكرية في تعزيز حضورهم، بل وسيطرتهم عليها، كما سيطروا على سوق البنزين، ومعظم الاشكالات التي حصلت هي بين شبان اختلفوا على تقاسم مغانم البنزين الذي يباع بالسوق السوداء.
عشرات الإشكالات المتنقّلة شهدتها المحطات في كل قرى النبطية من دون إستثناء، سقط خلالها جرحى، استخدم خلالها السلاح الابيض والرصاص، غير انها لم تدفع بمجلس الامن الفرعي للاجتماع، لأنها، برأي فقيه، مشاكل فردية وصغيرة وليست كبيرة، ولا تؤثر على الامن، غير انه يؤكد على التنسيق الامني المستمر بين كافة الاجهزة الامنية التي جرى توزيع مهامها وفقا للمحطات “الساخنة والحمراء والباردة” كما وصفها، كما جرى تقسيم المحطات وفقاً للوقوع على خط المشاكل والتي تواجه اشكالات “عالخفيف” وتم توزيع القوى الامنية وفقاً للحاجة”.
ووفقاً لخطته الرامية لوأد الاشكالات، فإن التقسيم الامني تمّ كالتالي: “أُعطيت مهمة ضبط الأمن على المحطات للدرك، اما أمن الدولة فتولى مهمّة التشييش على خزانات المحطات ومتابعة الإشكالات عليها، فيما الامن العام يتابع ملف الكشف على المحطات وفقاً للبيانات الواردة لديه من القضاء او ادارته المباشرة، وتركت مهمّة حلحلة الاشكالات الكبيرة لمخابرات الجيش”.
لا يخشى فقيه من الفوضى، فهو مطمئن الى أن خطته بدأت تترجم استقراراً على الارض، بل يصف الوضع الامني “بالمستقرّ نوعاً ما مقارنة مع غير محافظات”، ويرى ان خطته “ماشية على السكة الصحيحة وستشهد الإسبوع المقبل مزيداً من النضوج اكثر، بعد دخول كل البلديات على خط المنصات والبونات”، لأنها برأيه تضرب السوق السوداء اكثر، الذي يجزم بأنه “ينشط بالليل”. وفق المعلومات فإن زعران السوق السوداء، مدجّجين بالسلاح، تهجّموا ليل امس على صاحب احدى المحطات على مرج حاروف واجبروه على ملء غالونات لهم والا سيُقتل. هذه الظاهرة تتفشّى بسرعة وإن كان يعتبرها فقيه فردية غير انها لا تشي بالإستقرار الحذر اليوم.
يقرّ فقيه بأن محطات الخط العام لم تدخل على خط المنصات، وبالتالي الوضع عليها ما زال متوتراً نوعاً ما، وأي إشكال قد لا تجد قوى امنية لحلّه لانها “منكهة”، والخشية هي من حصول اكثر من اشكال في الوقت عينه “حينها لا قوى امنية غبّ الطلب”. ومع ذلك يكرر فقيه “الوضع مستقر نوعاً ما بعد سحب جيوب الفتنة من المحطات، قاصداً “الشبيحة” واقفال محطات تبيع مخزونها مباشرة لمحطة اخرى، وغياب التدخلات السياسية التي اراحته وانجحت خطته التي تسير على سكتها الصحيحة.
دخل المحافظ فقيه على خط حل الوضع الامني المتشنج من بوابة النقطة الخطرة، وبدأ بالعلاج، مراهناً على ان المنصة التي بدأها ستكون الحل لأي طابور، إن للخبز او الدواء او اي شيء آخر، ولا يخشى الفلتان الشعبي الا اذا حصلت هزات امنية على كل اراضي الوطن، أما حالياً فالشعب وضعه “سالك”.
يبدو مرتاحاً على وضع المنطقة بعدما انهى ظاهرة مافيا البنزين التي بدأت تعمل بالسرّ وبالليل، وإن أكد ان هناك بعض جيوب الخلل ما زال يعمل على علاجها.
بالمحصّلة، يعوّل المحافظ فقيه على نجاح خطته، ويعوّل المواطن على استقرار الامن، فالكل تعب من الفلتان الحاصل، فهل يكتب للخطة ان تنجح فعلاً ما لم يطرأ ما ليس في الحسبان؟