“فشل نتنياهو في القضاء على حماس فأراد تصفية رموزها”
تستعيد الساحة الداخلية مع مشهد تدفق الموفدين والديبلوماسيين إلى بيروت، حقبات سابقة كان فيها لبنان أمام أكثر من تحدٍ أمني، ما يطرح علامات الاستفهام حول ما تنتظر هذه الساحة من تطورات دراماتيكية، تنقل المواجهة في الجنوب إلى مرحلة جديدة. وبرأي المستشار في المفوضية الأوروبية الدكتور محيي الدين الشحيمي، فإن “الانطباع الخارجي هو أن لبنان كان ولا يزال يضيّع الفرص، من خلال عدم انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب موعد ممكن، ليكون حاضراً على طاولة المفاوضات في المنطقة، بدلاً من البقاء ورقة أو ملف على هذه الطاولة”. ويقول لـ “الديار” ان “ستاتيكو الترقب والانتظار الحالي على الساحة السياسية كما على جبهة الجنوب، هو أفضل من الحرب الموسعة”.
وحول الترابط بين احتمالات التصعيد في الجنوب وتدفق الموفدين الديبلوماسيين إلى بيروت، يتحدث عن “ضغط دولي لعدم حصول الانفجار والحرب الشمولية بدأ منذ 8 تشرين الأول الماضي وليس مستجداً، لأن بنيامين نتنياهو وحده يريد الحرب، بينما المفاوضات في المنطقة كانت انطلقت قبل 7 أوكتوبر وهي ما زالت مستمرة وستتواصل بعد نهاية الحرب، ولكن مؤشر الأحداث يدل على بقاء الوضع على ما هو عليه، مع ارتفاع وتيرة الإسناد والإشغال ولكن لن تمتد رقعتها بشكل كامل. ولكن سقط مبدأ وحدة الساحات ومبدأ وحدة المواجهات في المنطقة، وهو ما يجعل الاهتمام الخارجي أكبر بالرقعة اللبنانية بالفترة الأخيرة، بالتزامن مع مبادرة الاتفاق الثلاثي الأميركي – القطري – المصري، والذي سيستكمل في القاهرة بعد الدوحة بفكرة قديمة، وهي ورقة الرئيس جو بايدن والقرار الدولي 2735، التي تدل على أن رغبة الأطراف الكبرى وخصوصاً الأميركي والإيراني بحل الموضوع بأسرع وقت ممكن”.
وحول الردّ الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، يؤكد أن “الإيراني يتروى بالردّ على “إسرائيل”، لأنه لا يريد تنفيذ ردٍ يؤدي إلى تطيير المفاوضات وإلى حرب شاملة، من خلال رفع إمكان توسع الحرب خارج فلسطين المحتلة. كما أن الإدارة الأميركية تريد تحقيق إنجاز تستثمره في الانتخابات الرئاسية، ومن هنا التقت الإرادتان على إمكان الوصول إلى وقف إطلاق النار. وبالتالي، فإن الأطراف كلها مجتمعة تتحدث عن تقدم ولو كان بطيئاً، وهي متفقة على استراتيجية المفاوضات من أجل المفاوضات، ولو لم تؤد إلى نتيجة لأنه تعطي المجال لنوع من التهدئة، حيث ان الحرب الدائرة تستمر لتفادي أي حرب شاملة، رغم أن نتنياهو يستغل المفاوضات لمواصلة الحرب والاستعداد للتصعيد”.
وعن موقف حماس من المفاوضات الدائرة ونتائجها، يشير إلى “وجود تفاصيل في بنود ورقة بايدن، لم يتم الاتفاق عليها خصوصاً في ما يتعلق بمعبر فيلادلفيا، وهو المعبر الذي يفصل بين القطاع ومصر ونتساريم، أو معبر صلاح الدين الذي يقطع نصف القطاع، خصوصاً بين الوجود العسكري “الإسرائيلي” وكيفية وطريقة الإنسحاب من غزة”.
ويرى وجوب ترقب مفاوضات القاهرة “بما تحمله القاهرة من خاصية متمايزة عن الدوحة، خصوصاً وأنها مجاورة للقطاع وتضطلع بتكتيك الجغرافيا والأمور الحدودية، ما يرفع الضغط للوصول إلى اتفاق شامل من وقف نار نهائي إلى إطلاق الرهائن والأسرى. ولذا فإن موقف حماس الذي ينفي الإيجابيات، يأتي من ضمن إدارة اللعبة، فهي غير موجودة على الطاولة ولكنها حاضرة عبر الوسطاء، وهي وافقت على ورقة بايدن التي انقلب عليها نتنياهو عدة مرات لمآرب شخصية، وهو يهرب إلى الأمام بعدما أصبح أمام فكّي كماشة في الداخل، أولاً أن أهالي الأسرى الذين يعتبرون أن الحرب لم تردهم، وأن حربه هي على كل الفلسطينيين وهو يضرب قطاع غزة والأسرى معاً، وثانياً أن رموز الحكم في الكيان، وهم اليمين المتطرف الذي يرفض الحرب، فيما الجيش يحمّل نتنياهو مسؤولية التدهور، ويعتبر أنه برفضه هذه الصفقة يكون يتجه إلى الخراب”.
في المقابل، يضيف الشحيمي أن “نتنياهو لا يعلم كيف ينزل عن الشجرة، لأنه انقلب أكثر من مرة ونقض الصفقة، لأنه كان يريد أن يكون بطلاً بعدما فشل في القضاء على حماس بالحرب، فعمل على القضاء على رموزها”.