IMLebanon

شحيمي لـ “الديار”: لا تعديل في سياسة الإليزيه الخارجيّة ومُهمّة لودريان مُستمرّة في لبنان رغم الإنتخابات البرلمانيّة 

وساطة هوكشتين في دائرة الخطر إذا انسحب بايدن من السباق الرئاسي”

 

لا يخفى مناخ الترقب اللبناني للتحولات في السياسة  الخارجية الفرنسية بعد الإنتخابات التشريعية الأخيرة، وبشكل خاص على مستوى الملف اللبناني الذي يضطلع فيه الإليزيه بدور بارز، خصوصاً في العنوان الرئاسي ومن ضمن “اللجنة الخماسية”. ويجزم أستاذ القانون في كلية باريس للدراسات والأعمال الدكتور محي الدين شحيمي ، بأنه على مستوى السياسة الخارجية، “لن يكون أي تغيير لأن الرئيس إيمانويل ماكرون لا يزال في النصف الثاني من ولايته الثانية، فإن  المسودات والأفكار والمبادرات التي أطلقها لا تزال هي نفسها، وكذلك التزاماته الخارجية، أي في ما يعني لبنان بشكل خاص”.

 

ويؤكد في قراءة لـ “الديار” عن الخلاصات الأولية لهذه الإنتخابات بأن “المساعي الفرنسية باتجاه لبنان لن تتغير وستحافظ على وتيرتها الراهنة، كما أن المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان سيبقى في منصبه ومهمته ستستمر أيضاً، وكذلك بالنسبة للخطة التي كانت معتمدة لناحية لبنان ما بين “اللجنة الخماسية” والحراك الدولي، خصوصاً وأن الجولة الثانية من الإنتخابات، تزامنت مع وجود الوسيط الأميركي آموس هوكشتين في باريس واجتماعاته مع لودريان”.

 

ويشدد على أن “الخطورة باتت اليوم ومع اقتراب موعد الإنتخابات الأميركية تطال هوكشتاين، في ضوء الدعوات لتقييم حالة الرئيس جو بايدن، لا سيما وأن بعض الديموقراطيين من أنصاره يتحدثون عن ضرورة انسحابه، لا سيما إذا كانت نتيجة الإنتخابات بشكل عام بعد 5 \ 11 ستكون للديموقراطيين، وساعتئذ سنرى إذا استمر هوكشاتين في مهمته أم لا ، وهو ما يحتم على لبنان أن يصل إلى ما يريده قبل 5 \ 11”.

 

أمّا على المستوى الداخلي، فيقول إن “اليمين الفرنسي لم ينل الأكثرية المطلقة لكنه تقدم بالنقاط، فهو هُزِم لأنه كان يخطط لاستلام الحكم، فيما الرئيس ماكرون خسر مقاعد نيابية ولكنه انتصر، بحيث أعاد ترتيب البيت الداخلي لديه، وأعاد نسج علاقات وتحالفات مقبولة جعلت منه في المركز الثاني، كما أنه انتصر لأنه قطع الطريق على اليمين المتطرف، وأطال المدة التي يستوجبها اليمين من أجل العودة إلى السلطة، ولم يسمح بحصول أي طرف على الأكثرية المطلقة إنما أغلبية نسبية”.

 

وعليه، لا يستبعد أن يبرز “بعض الإنسداد في المشهد التشريعي، إنما دون أن يكون فيه إلغاء لحزب الرئيس ماكرون، كما كان الجميع يتحدث عن أن الماكرونية انتهت،  علماً أنه من الطبيعي بالنسبة لحزب موجود في السلطة منذ 7 سنوات، أن يتعرض لضغوطات وأن يخسر الكثير، لأن ما من رئيس بقي في السلطة لسبع سنوات وحافظ على الشعبية نفسها، وهذا أمر طبيعي في الديمقراطيات، وإن كان أداؤه في السلطة صحيحاً، لأن المواطن في النهاية قد يملّ منه، فالديمقراطية هي في التغيير، وهكذا اعتاد الناس، لذلك، فإن ما فعله ماكرون هو قطع الطريق على اليمين المتطرف وتأخير وصوله إلى السلطة”.

 

وعن المستفيد الأول من هذه النتائج، يوضح بأنه “الفكر اليساري، ولكن ليس اليسار الراديكالي، لأن الراديكاليين اليساريين هم بحجم بخطورة اليمين، فيما أحزاب اليسار هي أحد أعمدة فرنسا في الجمهورية الخامسة، وأيضاً هناك اليمين الوسط، هم من أسسوا فرنسا وحكموها، لذا هو من استفاد وبأقل جهد، لأن الجهد الكبير كان لليمين المتطرّف ورئيس الجمهورية، لأن اليسار كان الملاذ لرافضي اليمين ومعارضي ماكرون، الذين لو تمنّعوا عن التصويت، يكونون يفسحون المجال لكي يفوز معارضوه، إذ أن حجب الصوت بمثابة منح فرصة للطرف الآخر للفوز، ولذلك استفاد التجمع اليساري العريض، رغم أن الفرنسيين مدركون أن تحالف اليسار هو تحالف هشّ ومشرذم وضعيف وفوضوي ولم يعد اليسار التقليدي الفرنسي الوسطي، أي الإشتراكيين أي يسار فرانسوا ميتران وفرانسوا هولاند”.

 

وعن تأثير هذا التشرذم، يقول إن “الفرنسيين اختاروا الفوضى الخفيفة بالمؤسسات، وليس فوضى التظاهرت والإحتجاجات، إنما فوضى العطب بالمؤسسات، وبطء بالإنتاج التشريعي والقوانين، وضعف حركة الحكومة والسلطة التنفيذية، وخلافات داخل المؤسسات، وهي تداعيات اعتبر الفرنسيون أنها أفضل من وصول اليمين”.

 

أما بالنسبة للخارج، فيوضح أن نتائج الإنتخابات الفرنسية “معدومة لأن السياسة الخارجية هي بقبضة رئيس الجمهورية، وبقبضة الإيليزيه وخصوصاً إذا كانت فرنسا قادمة، ومن ضمن السيناريوهات الموجودة، على سيناريو التعايش، أو ما يسمى بالمساكنة الدستورية، وهي بالعرف الفرنسي، تقول إن وزارتي الخارجية والدفاع هي لصيقة برئيس الجمهورية، وهذا تكرر لثلاث مرات في تاريخ الجمهورية الخامسة، بحيث كانت تُحصر السياسة الخارجية بيد رئيس الجمهورية، وحتى في حكومات التعايش الوطني”.

 

وانطلاقاً ممّا تقدم، يركز شحيمي على أنه “بما خص لبنان، فإن النتيجة التشريعية الفرنسية لا تبدل أي شيء من علاقات فرنسا الدولية والتزاماتها ، والرئيس باق وخطته وسياسته أيضاً، والسياسة الدفاعية والخارجية هي أيضاً لصيقة برئيس الجمهورية وفق العرف الفرنسي، لأنه في الدستور الفرنسي لا شيء ينص على ذلك بشكل واضح، وإن كان وجد منذ العام 1959 في فرنسا”.