لم يعد الحديث عن احتمالات الحرب الإسرائيلية الموسّعة إحتمالاً مطروحاً في ظل العدوان الذي بدأ في الأيام الماضية، عبر شنّ مئات الغارات الجوية على المناطق المتفرقة في البقاع والجنوب، في سياق حرب تدميرية شاملة. وعلى هذا الصعيد، يكشف المستشار القانوني في الإتحاد الأوروبي الدكتور محيي الدين شحيمي، عن “أوجه عدة للحرب الإسرائيلية على لبنان، والتي تستوجب تغيير طريقة التعامل مع الأزمة اللبنانية داخلياً، كما إقليمياً ودولياً، فالبلد بحالة حرب، لكن هناك أنواع للحرب وللمواجهة حتى الآن، رغم كل فداحة المشهد وفوضوية الأمور وخطورتها”.
وفي حديثٍ لـ “الديار”، يركز الدكتور شحيمي على “العدوان الإسرائيلي الذي استهدف المدنيين، والذي لم يوفر أي جريمة ومن بينها، تفجير وسائل الإتصال، وهو الأول بتاريخ البشرية وبهذا الحجم وهذه الطريقة والدقة والسرعة والوقت والإستعداد”، مشيراً إلى أن “حتمية توسع وانتشار الحرب، هو احتمال غير مؤكد، لأن لا أحد يعرف وحتى نتانياهو وحكومته لا يعرفون ماذا يفعلون، هو بحالة ضياع رغم كل ما يُقال بالإعلام”.
ووفق شحيمي فإن “الكيان الإسرائيلي يعيش واقع الفشل بثلاث محطات، أولاً فشلت عمليته بغزة حيث لا يمكنه تحرير الرهائن ويعجز عن فرض أمر واقع جديد في القطاع، وثانياً بموضوع حدود الجنوب اللبناني أوفلسطين المحتلة، فهو ليس قادراً على إعادة المستوطنين الإسرائيليين، وثالثاً، على صعيد التظاهرات الداخلية للضغط على حكومة الكيان، وبالتالي، فإن نتانياهو غير قادر على القيام بأي من هذه الأمور الثلاثة، وليس قادراً على القبول بوقف إطلاق النار، ويجد نفسه محاصراً بعدما فشلت عمليته لتحقيق الهدف الكبير الذي وضعه وهو القضاء على حماس واسترجاع الرهائن وردّ المستوطنين إلى المدارس، ما يدفعه للهروب إلى الأمام ولأن يضغط على حلفائه قبل الخصوم، والذهاب نحو شنّ حرب على لبنان رغم الجهد الأميركي لكي لا تتوسع الحرب وتصبح حرباً شاملة لأن الأميركي قال لنتنياهو، إن توسيع الحرب إلى لبنان، لن يؤدي لإعادة الحياة الطبيعية إلى الشريط الحدودي في فلسطين المحتلة”.
ورداً على سؤال حول التصعيد الحالي، يقول شحيمي إن “هذا الهروب الثلاثي هو شخصي بالنسبة لنتانياهو، الموجود على أطول شجرة في الأمازون ولا يعرف طريقة النزول، وهو محاصر من القضاء بأمورالفساد ولوصوله إلى نهاية مشواره السياسي، لذلك يهرب إلى الأمان باستكمال حرب الإبادة في غزة واستهداف المدنيين في لبنان حيث تفوّق على شارون في هذا الموضوع”.
وعن اتساع رقعة الحرب، لا يرى شحيمي أي “مؤشر حتمي خصوصاً أن خطاب السيد نصر الله الأمين العام لحزب الله كان نوعاً ما متوازناً جداً لناحية رفض توسعة الحرب ورغم كل الجراح ورغم شدة الضربة التي تلقاها، حيث تبيّن بهذا الخطاب، أنه كان عملية تناقل للوقائع والحجج وعكس ما حدث من مجريات بشكل منظّم وأكد استكمال نظرية الإسناد والتأكيد بعدم إطفاء محركات المقاومة إلاّ بوقف إطلاق النار في غزة”.
وعلى هذا الصعيد يتحدث شحيمي عن “تصعيد مشروط رغم كل فداحة المشهد خصوصاً في آخر 48 ساعة في الجنوب والبقاع وارتفاع حدة ووتيرة الضربات العسكرية، والتغيير في طبيعة المعركة، لكن لا حتمية بالإتجاه نحو حرب شاملة، لأن الإسرائيلي يعلم أن أي عملية برية تحت أي مسمّى، ستجلب العديد من الخسائر للكيان الإسرائيلي، لذلك يحاول أن يذهب بالمواجهة إلى حيث يقوى فيها و يبتعد عن المواجهة المباشرة التي يضعف فيها بوجه حزب الله، ولذلك يستعمل تفوقه بناحية التقنيات و الذكاء الأصطناعي والإتصالات العالية الدقة والتقنية، وهذا الأمر ظهر بالعملية الأخيرة ومن خلال استهداف 4 آلاف هدف بجزء من الثانية خصوصاً أن هذا الإستهداف لا يميز بين المدني والعسكري على الجبهة، يذهب نحو جرم الإبادة ويشكل جرماً ضد حقوق الإنسان والقوانين الدولية وخرق كبير جداً لاتفاقية جينيف الرابعة الذي هو عدم التمييز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية، مع العلم أن هذا الإستهداف لم يؤثر على الجبهة العسكرية للحزب”.