طرحت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي إلى بيروت جان إيف لودريان من جديد على طاولة النقاش لملف رئاسة الجمهورية. فهل من متغيّرات جديدة أدّت لعودة فرنسا إلى بيروت؟ على هذا السؤال، يجيب النائب السابق الدكتور مصطفى علّوش: “إذا كانت المتغيّرات هي في طروحات جديدة يمكن أن تُطرح، فلا شيء تغيّر حتى الآن، أما إذا كانت على مستوى الخلاف القائم على إسم رئيس الجمهورية أو على طريقة انتخابه، أكيد لم يتغيّر شيء، لا بل على العكس الأمور لا زالت تراوح مكانها”.
واشار لـ “الديار” إلى أن “الوضع في غزة هو الذي دفع لودريان للمجيء إلى بيروت، بحيث هناك محاولة ترتيب لوضع المنطقة بناءً على نتائج حرب غزة، ولبنان لا يجب أن يضيِّع هذه الفرصة بالمشاركة من خلال قيادة معينة، فقد صدرت بعض الإشاعات حول زيارة الموفد الفرنسي وخلفياتها، لكن لا يبدو أي منها موثّقاً، ولا بالضرورة أمراً متّفقاً عليه، ومن ضمنها قصة مقايضة إسم رئيس الجمهورية العتيد بالإنسحاب من الجنوب، فلا أعتقد أن حزب الله في وارد الإنسحاب من الجنوب، وأظن أن “إسرائيل” قد تكون باتت على استعداد للمفاوضة على وضع مستعمراتها، وربما الأميركيين أو غيرهم أيضاً باتوا على استعداد لهذا الأمر، ولا يمكنني التفاؤل في هذه اللحظة بأن المطالب الإيرانية ستكون أقلّ مما كانت عليه قبل ذلك”.
إذاً لا إيجابيات من عودة لودريان؟ يؤكد أنه “لن يكون هناك أي شيء إيجابي في ظل الوضع الحاضر وموازين القوى القائمة، كيف بإمكانك إيجاد خيار إيجابي في ظل موازين القوى التي لا زالت على حالها، فأي حل يجب أن يستند إلى موازين القوى، والتي هي بيد حزب الله، وكون هناك انقسام بين رأيين في هذا الإطار، الأول يعتبر أن الحزب حمى لبنان من العدوان الإسرائيلي، وآخر يعارضه، فهذا الواقع لن يؤثّر على الساحة الداخلية، لأنه في النهاية إيران لا تريد أي حلّ مع الولايات في هذه اللحظة، وحزب الله حفظ ماء الوجه على الحدود، ولم يدخل في حرب مع الولايات المتحدة الأميركية”.
وحول المعادلة التي تقول بأن نتائج حرب غزة هي من سيحدّد إسم رئيس الجمهورية المقبل، يشدِّد على أنه “حتى الآن لا تزال حرب غزة في بداياتها ولم تنتهِ بعد، والطرح “الإسرائيلي” لإنهاء الحرب لن تقبل به حركة حماس ولا بأي شكل، وبرأيي أن “إسرائيل” على استعداد للتخلّي عن الأسرى “الإسرائيليين” مقابل هزيمة حماس، فالأمور لا زالت في الإطار النظري، خصوصاً وأن نهاية حرب غزة ليست واضحة، ووضعنا الداخلي لم يتغيّر إنما تراجع أكثر، ووضع موازين القوى الداخلي لا زال على حاله، وليس بإمكان أي فريق الإتيان بالرئيس بمفرده، لذا لست متفائلاً بإمكانية إيجاد حلول مرضية أو قد تؤدي إلى نتيجة في المرحلة”.
وعن ملف قيادة الجيش، يرى أن “الغلط عندما يبدأ ينسحب على كل الأمور، فطالما لا وجود لرئيس الجمهورية، وربط الدستور قيادة الجيش بوجود رئيس للجمهورية، وهذا أمر مهم جداً وضروري، يؤدي في حال غياب رئيس الجمهورية إلى الإشكال الحاصل، فأي حلّ يتخطى المسائل الدستورية والمسائل الإدارية، فالحل المنطقي أو الأقرب إلى المنطق هو بالتمديد لقائد الجيش الحالي، إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية”.
وبالنسبة لإعادة ترسيم المنطقة، أكد “أن إعادة ترسيم المنطقة أمر مؤكد إذا أردنا الوصول إلى حلول طويلة الأمد، وهي تشتمل على فلسطين ولبنان وسوريا والعراق، وربما اليمن أيضاً، وهذا الكلام قلته منذ سنوات طويلة على الأقلّ بالنسبة لسوريا ولبنان، لكن قناعتي أنه في هذه المرحلة هناك سوريا والعراق ولبنان وفلسطين واليمن، والخريطة الجديدة لا تزال غير واضحة لهذا الترسيم الجديد، ولكن بالتأكيد ستشتمل على كيانات أصغر من الكيانات القائمة”.
هذا يعني أن لبنان لن يبقى كما هو؟ يجيب علّوش: “المسيحيون هم أكثر الذين لا يرغبون باستمرار هذا اللبنان، وذلك على خلفية أن تجربة المئة عام من عمر لبنان باتت فاشلة، فطالما لا حلول في الأفق للأزمة اللبنانية، وطالما أن موازين القوى غير متكافئة بين الأطراف اللبنانية، وطالما أن السنّة عندما يستقوون يصبحون كداعش والنصرة ، فالأمور توحي للمسيحيين أن التجربة لم تنجح على مدى المئة عام الماضية إلاّ في مراحل ضئيلة، وقد كانت الأمور أفضل عندما كان المسيحي يسيطر على الحكم، فهذه هي الفكرة، أنا أتحدث بشكل منطقي لا كسنّي، وللأسف لا أرى في الأفق أي حلول قريبة في المدى المنظور”.